المولفات

المؤلفات > بحثان حول: محلّ الذبح في كفّارات الإحرام والفصل بين العمرتين

3

وفي مقابل هذه الرواية التي دلّت بإطلاقها على جواز ذبح کفّارة غير الصيد في بلده، سواء أکان في الحج أو في عمرة التمتّع وردت صحيحة معاوية بن عمّار: وسألته عن کفّارة المعتمر أين تکون؟ قال: «بمکّة إلا أن يؤخّرها إلى الحج فتکون بمنى، وتعجيلها أفضل وأحبّ إليّ»(1).

فإنّ هذه الصحيحة صريحة في شمولها لعمرة التمتّع بدليل قوله (عليه ‏السلام): «إلا أن يؤخّرها إلى الحج»، فالمفروض تقديم هذه الصحيحة على موثّقة إسحاق بن عمّار بالتخصيص، أو الأخذ في الموثّقة بنسخة الکافي، أو حمل نسخة الشيخ على المعنى الوارد في نسخة الکافي.

فإذن النتيجة: هي التفصيل بين الحج وعمرة التمتّع بأنّ يجوز الذبح في کفّارة الحج في بلده، ويجب في عمرة التمتّع کون الذبح في مکة أو منى.

بل بلحاظ العمرة المفردة أيضاً يُمکن القول بدلالة هذه الصحيحة على أنّ ذبحها في مکّة بدعوى أنّ قول السائل: «کفّارة المعتمر» تشمل العمرة المفردة وعمرة التمتّع.

نعم، جواز تأخيرها إلى منى يکون في من يحج حج التمتّع بدليل ذيل الصحيحة.

على أنّ في العمرة المفردة توجد صحيحة اُخرى تدلّ على الذبح بمکة أو بمنى، وهي صحيحة منصور بن حازم: سألت أبا عبدالله (عليه ‏السلام) عن کفّارة العمرة المفردة أين تکون؟ فقال: «بمکة إلا أن يشاء صاحبها أن يؤخّرها إلى منى، ويجعلها بمکّة أحبّ إليّ وأفضل»(2).

إلا أنّ هذه الصحيحة لا تخلو من تشويش؛ لأنّ عنوان التأخير إلى منى غير صادق في العمرة المفردة، إلا أن يُفسّر التأخير بمعنى مجرّد إرادة ذهابه إلى منى فيؤخّر الذبح إلى منى.

ويُمکن أن يقال ـ في مقابل هذا الکلام ـ: إنّ نکتة کون العمرة أکثر صعوبة من الحج في الکفّارة ليست عرفية إلى حدّ يرى العرف التعارض بين الصحيحتين والموثقة، فلو تعارضت لم يبقَ لنا دليل على عدم جواز تأخير الکفّارة إلى الرجوع إلى البلد.

وبالأخير لم تبق إلا روايتان بخصوص کفّارة التظليل تدلان على ذبحها في منى، وهما صحيحتا ابن بزيع الواردتان في الوسائل:


(1) المصدر السابق: 89، ب. من الذبح، ح 4.
(2) المصدر السابق 13: 96، ب 49 من کفّارات الصيد، ح 4.