المولفات

المؤلفات > الاجتهاد و التقليد / بحث في التقليد

22

ولعلّ مقتضى التحقيق في ذلك أن يقال: لو كان المستفاد من هذا النص هو الإجزاء الواقعي إذن يثبت له الإطلاق لما إذا ثبت الخطأ بالقطع، كما أنّ حديث « لا تعاد » الدالّ على الإجزاء الواقعي ثابت لفرض انكشاف الخطأ بالقطع واليقين.

ولكن لو ادّعى القول بأنّ المستفاد عرفاً من ذلك ليس بأكثر من الإجزاء الظاهري؛ وذلك بمناسبة أنّ أصل حجية الفتوى لم تكن إلا حكماً ظاهرياً، والإجزاء إذا كان ظاهرياً فبقاؤه بعد الانكشاف القطعي للخلاف غير معقول، لأنّ كلّ حكم ظاهري ينتهي بالانكشاف القطعي لخلافه.

فالنتيجة: هي عدم الإجزاء في صورة الانكشاف القطعي للخلاف، واختصاص الإجزاء بصورة الانكشاف التعبّدي للخلاف.

ولا يخفى أنّ دعوى ظاهرية الإجزاء ليست إلا مجرّد دعوى استظهار، وإلا فمجرّد كون حجية الفتوى حجية ظاهرية لا تستلزم ظاهرية الإجزاء ترتّب حكم ظاهري أو حكم خيالي بحت يوجب الإجزاء الواقعي، كما لو أخفت إنسان مكان الجهر أو جهر مكان الإخفات أو أتمّ في السفر بحكم ظاهري خيالي ثم انكشف له خطأه.

الجهة الثانية: أنّ المتيقّن من الإجزاء هو الإجزاء عن القضاء بلا إشكال، ولكن يوجد هناك موردان آخران يحتمل فيهما الإجزاء أيضاً:

المورد الأول: الإعادة في داخل الوقت؛ فإنّه يمكن أن يقال: إنّ الاضطراب النفسي من ناحية احتمال الابتلاء بعد العمل بالإعادة أيضاً نوع من عدم الاتكاء وعدم الرادع فينفعه إطلاق قوله: « أما لكم من مفزع؟ أما لكم من مستراح تستريحون إليه؟ ».

إلا أنّ اُستاذنا الشهيد رحمه الله فصّل في تعليقته على منهاج الصالحين (1) بين القضاء والإعادة، فآمن بالإجزاء بلحاظ القضاء، واحتاط بالإعادة في داخل الوقت.

المورد الثاني: هو الصحة والبطلان بلحاظ الأحكام الوضعية، فهل دليل الإجزاء يشمل ذلك أو لا؟ فلو عقد المقلِّد عقد بيع أو نكاح أو ذبح ذبيحة أو غير ذلك من الاُمور الراجعة إلى الأحكام الوضعية مستنداً إلى التقليد الأول ثم تبدّلت الفتوى أو تبدّل المرجع وكان الرأي الجديد يرى بطلان ذلك العقد أو تلك الذبيحة فهل نحكم بصحة تلك الاُمور التي وقعت في زمن التقليد الأول حتى بلحاظ الآثار التكليفية التي ترتب عليها في زمن الرأي الجديد، وهذا معنى الإجزاء في المقام؟ أو نحكم ببطلانها بلحاظ الآثار التكليفية الجديدة، وهذا معنى عدم الإجزاء في المقام ؟


(1) ج 1: 6، والتفصيل نفسه موجود في الفتاوى الواضحة: 26 ـ 27، مع حذف عنوان الإحتياط في جانب الإعادة.