المولفات

المؤلفات > الاجتهاد و التقليد / بحث في التقليد

19

على أنّه لا داعي للتسليم بشرطية إحراز تلك الاُمور.

المحور السادس: في إجزاء العمل بالفتوى السابقة عن القضاء والإعادة

قد نقّحنا في علم الاُصول: أنّ الأصل في الأمر الظاهري هو عدم الإجزاء.

ولكنّنا نقول هنا بأنّ قوله (عليه السلام) في صحيحة يونس: « أما لكم من مفزع؟ أما لكم من مستراح تستريحون إليه؟... » يدلّ بإطلاقه على الاستراحة الكاملة والاعتماد الكامل، وهذا لا يكون إلا بفراغ البال عن عدم وجوب الإعادة والقضاء في المستقبل فهذا لا محالة يدلّ على الإجزاء، والارتكاز وإن كان غير مقتضٍ للإجزاء ولكن لا يوجد في الارتكاز ما يمنع عن جعل الإجزاء بالنسبة لمن يتقمّص قميص المولوية حتى يكون كاسراً للإطلاق.

وبكلمة اُخرى: إنّ الارتكاز العقلائي إن لاحظناه في الحياة الإعتيادية كمراجعة الطبيب والمهندس وما إلى ذلك فلا معنى للإجزاء فيها بمعنى الأمن من العقاب وسقوط الاحتجاج وعدم التنجيز، وإنّما ذلك يتصور له معنى في التقريب الثاني للارتكاز، وهو انّ من يتقمّص من العقلاء قميص المولوية يجعل التقليد لأهل الخبرة في الوصول إلى ما يريده المولى حجة على رعيته، وهذا نسبته إلى جعل الإجزاء وعدمه حيادية، فالارتكاز وإن لم يكن يقتضي ضرورة جعل الإجزاء عن القضاء والإعادة بعد انكشاف الخلاف، ولكنّه لا يمنع أيضاً عن جعل ذلك، بل يرى جعله أمراً مناسباً ما دام أنّ خطأ العبد نشأ من خطأ الحجة، إذن فالارتكاز لا يكسر هنا الإطلاق الثابت في الدليل اللفظي.

مناقشة وردّ:

وقد تقول: إنّ الدليل اللفظي للتقليد لو كان نظره إلى الارتكاز محرز من محض معرفتنا بأنّ التقليد أمر ارتكازي لصح ما ذكرتم من أنّ ضيق الارتكاز لا يبطل إطلاق اللفظ مادام أنّ الارتكاز ليس له مفاد سلبي ضدّ الإطلاق، ولكن رواية « أما لكم من مفزع؟ أما لكم من مستراح تستريحون إليه؟ » فيها إشارة لفظية واضحة إلى الارتكاز؛ لأنّها جاءت بلسان التأنيب والاستفهام الإنكاري، وهذا لا يناسب إلا مع فرض النظر إلى ما هو ثابت مسبقاً من الارتكاز، وعندئذٍ فضيق الارتكاز نفسه يكسر الإطلاق اللفظي؛ لأنّ اللفظ لم يقصد به إلا إمضاء الارتكاز، ولا يتوقف انكسار الإطلاق على دلالة سلبية في الارتكاز.