المولفات

المؤلفات > الاجتهاد و التقليد / بحث في التقليد

13

إلا أنّ الإنصاف أنّ هذا يرجع إلى مدى احتمال التراجع عن الرأي لو تباحث مع غيره سواء الأعلم أو غيره. فلوكان الاحتمال كبيراً معتداً به دخل التباحث معه لدى الإمكان في الفحص المستفاد عرفاً وجوبه من أدلّة وجوب الفحص.

المحور الخامس: في تحليل وفلسفة عملية الإفتاء والتقليد

لا شك إنّ التقليد في الفهم الارتكازي العقلائي الذي جوّزه عبارة عن رجوع غير أهل الخبرة إلى أهل الخبرة، وهذا ينطبق بوضوح حينما يخبر الفقيه عن الحكم الواقعي حيث يقال: إنّ الفقيه كان من أهل خبرة الأحكام، فجاز لغير الفقيه تقليده من باب رجوع غير أهل الخبرة إلى أهل الخبرة.

ولكن الإشكال يقع في كثير من موارد إفتاء الفقيه التي يفتي فيها بالحكم الظاهري لا الواقعي حيث يقال: إنّ تلك الأحكام الظاهرية إنّما هي أحكام ظاهرية لنفس الفقيه لا للمقلِّد؛ وذلك لا لأجل أنّ جعل الحكم كان مختصاً بالفقيه دون العامي بل و دون الحكم الظاهري المجعول مشروط بشرائط غير فعلية بشأن العامي من قبيل الفحص أو اليقين السابق أو العلم الإجمالي ونحو ذلك، وعندئذٍ فهل يقلِّد العامي الفقيه في الحكم الواقعي أو في الحكم الظاهري الذي يكون للفقيه أو الحكم الظاهري الذي يكون لنفس العامي؟ !

فإن فرض الأول فالفقيه لايعلم بالحكم الواقعي حسب الفرض، فكيف يقلِّد في مالا يعلمه؟ !

وإن فرض الثاني فلا معنى لأخذ المقلِّد حكم المقلَّد؛ فإن المقلِّد يريد حكم نفسه لا حكم مقلَّده.