المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

716

فخذوا بما اجتمعت عليه شيعتنا، فانّه لا ريب فيه»(1) فهذا الحديث يدلّ على الترجيح باجتماع الشيعة، فإن كان المقصود من ذلك الاجتماع في الرواية فهذا معناه التواتر، ولا إشكال في وجوب العمل بالخبر المتواتر في مقابل خبر الواحد. وان كان المقصود الاجتماع في العمل كان ذلك مرجّحاً تعبّدياً. ولا يبعد ظهور الرواية في الثاني؛ لأنّه أضاف الاجتماع الى الشيعة، لا الى الرواة، والشيعة ليسوا كلّهم رواة، فاذا نسب الاجتماع إلى الشيعة بما هم شيعة كان مناسباً للعمل، وإذا نسب إلى الرواة بما هم رواة كان مناسباً للرواية.

وهذا الحديث وان كان ضعيفاً سنداً فلا نقول بالترجيح التعبّدي، ولكن كثيراً ما نقول بنتيجة ذلك من باب أنّ إجماع الشيعة يورث الاطمئنان الشخصي للفقيه.

ومنها: رواية الحسن بن الجهم عن الرضا(عليه السلام) قال: «قلت له: تجيئنا الأحاديث عنكم مختلفة، فقال: ما جاءك عنّا فقس على كتاب الله عزّوجلّ وأحاديثنا، فان كان يشبههما فهو منّا، وإن لم يكن يشبههما فليس منّا، قلت: يجيئنا الرجلان وكلاهما ثقة بحديثين مختلفين، ولا نعلم أيّهما الحقّ، قال: فإذا لم تعلم فموسّع عليك بأيّهما أخذت»(2).

وقد يقال: إنّ الإمام (عليه السلام) أوّلا ذكر ضابطاً لتمييز الصحيح من غيره بلا ارتباط بباب الترجيح، وهو تشخيص كلام الإمام من مزاج التعبير، وهذا لا يمكن لأحد التوصّل إليه إلاّ الأوحدي المخالط كثيراً للإمام (عليه السلام) وأقواله العارف باساليبه، فيعرف أنّ الرواية الفلانية عليها رائحة الإمامة، وأنّ الرواية الفلانية لا تنسجم مع اُسلوب الإمام، وهذا يحتاج الى مراتب عالية من الممارسة والتفاعل مع الإمام، ولهذا يرى السائل أنّ هذا الجواب لم يفده فائدة معتدّاً بها، فيكرّر السؤال، فيقول: يجيئنا الثقتان بخبرين مختلفين ولا نعلم أيّهما الحقّ، أي: لم نستطع أن نميّز كلام الإمام (عليه السلام) من غيره، فالإمام (عليه السلام)يحكم عندئذ بالتخيير، وذلك يعارض بأخبار الترجيح، فنقيّد إطلاق هذه الرواية بها.

نعم، هذه الرواية تدلّ على أنّه قبل كلّ شي يجب ملاحظة نبض الكلام ومزاجه واُسلوبها الذي قد يميّز صحّة الحديث وبطلانه، ولا بأس به للأوحدي الذي يستطيع بطول التفاعل فهم ذلك.

والرواية ضعيفة سنداً.


(1) نفس المصدر: ح 43، ص 88 أو ص 122 بحسب اختلاف الطبعتين.

(2) نفس المصدر: ح 40، ص 87 أو 121 ـ 122 بحسب اختلاف الطبعتين.