المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

714

الموردين في الأخذ بالخبر القرينة وسقوط الخبر الآخر عن الحجّيّة، لعدم بقاء أثر لحجّيّته.

 

واما الجهة الثالثة، وهي في قياس رواية الراوندي بباقي أخبار الترجيح:

فنقول: من جملة الروايات رواية الحسين بن السريّ(1)، قال: «قال ابو عبدالله (عليه السلام)إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فخذوا بما خالف القوم»(2)

وهذا الحديث ساقط سنداً بالإرسال، وهو يذكر الترجيح بمخالفة العامّة، ومزيّته عن رواية الراوندي هي أنّه عبّر بمخالفة القوم لا بمخالفة أخبارهم، فهو يؤيّد ما استفدناه من رواية الراوندي من أنّ الميزان هو مخالفة الوضع الخارجي والفتوى للقوم، لا أخبارهم فحسب.

وهذا الحديث لو تم في نفسه وجب تقييده برواية الراوندي؛ لا قتصاره على المرجّح الثاني، ورواية الراوندي تذكر الترجيح بالكتاب أوّلا، فهي أخصّ من هذا الحديث، فيقيّد بصورة عدم وجود المرجّح الأوّل، وهو موافقة الكتاب ومخالفته.

ومنها: رواية الحسن بن الجهم، قال: «قلت للعبد الصالح (عليه السلام) هل يسعنا فيما ورد علينا منكم إلاّ التسليم لكم؟ فقال: لا والله، لا يسعكم إلاّ التسليم لنا فقلت: فيروى عن أبي عبدالله(عليه السلام) شي، ويروى عنه خلافه، فبأيّهما نأخذ؟ فقال: خذ بما خالف القوم، وما وافق القوم فاجتنبه»(3).

وهذه الرواية ـ أيضاً ـ اقتصرت على المرجّح الثاني، فتقيّد برواية الراوندي، وهي ـ أيضاً ـ تؤيّد كون الميزان وضعهم الخارجي، لا أخبارهم.

ومنها: رواية محمّد بن عبدالله، قال: «قلت للرضا (عليه السلام) كيف نصنع بالخبرين المختلفين؟ فقال: إذا ورد عليكم خبران مختلفان فانظروا إلى ما يخالف منهما العامّة فخذوه، وانظروا إلى ما يوافق أخبارهم فدعوه»(4).


(1) لا يوجد في كتب الرجال شخص باسم الحسين بن السريّ، ولكن يوجد فيها شخص باسم الحسن بن السريّ، وفي وثاقته كلام ناشئ ممّا قد يقال من اختلاف نسخ كتاب النجاشي في توثيقه، وعدم توثيقه، راجع معجم الرجال: ج 4، ص 341 ـ 342.

(2) الوسائل: ج 18، ب 9 من صفات القاضي، ح 30، ص 85، وبحسب طبعة آل البيت ج 27 ص 118.

(3) نفس المصدر: ح 31.

(4) نفس المصدر: ح 34 ص 85 ـ 86، أو ص 111 بحسب اختلاف الطبعتين.