المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

712

وقد يقال: إنّ الميزان إذن هو مخالفة أخبارهم، لا مخالفة فتاواهم، ولا تلازم بينهما، فقد تكون فتواهم مستندة إلى القياس والاستحسان أو المصالح المرسلة ونحو ذلك، إلاّ أنّ الصحيح هو أنّ المتفاهم عرفاً من قوله: فما وافق أخبارهم، وما خالف أخبارهم هو مطلق الموافقة والمخالفة مع وضعهم الفعلي، سواء استند إلى الأخبار أو إلى القياس والاستحسان؛ وذلك لأنّ الترجيح يكون بنكتة طريقية عرفية مرتكزة، لا مجرّد التعبّد الصرف، والإمام(عليه السلام)يتّقي من الوضع الفعلي لهم وفتاواهم، لا من مجرّد أخبارهم.

وبعد ذلك يقع الكلام في أنّ هذين الترجيحين هل يمكن تخريجهما بمقتضى القاعدة، فنقول بهما بحسب النتيجة ولو لم نؤمن برواية الراوندي، اولا؟

وأقصد بمقتضى القاعدة ما يتمّ بالالتفات إلى غير الأخبار العلاجية، ومع غضّ النظر عنها.

والصحيح هو: إمكان تخريج كلا الترجيحين بمقتضى القاعدة: أمّا الترجيح الأوّل فلأنّه يوجد عندنا ما دلّ على حجّيّة خبر الثقة مطلقاً، ويوجد ما دلّ على عدم حجّيّة ما خالف الكتاب، وهو مطلق أنحاء المخالفة خرجنا من الدليل الثاني في المخالف الذي يكون من قبيل التخصيص والتقييد، مع عدم وجود معارض له، وذلك بدعوى: أنّه متيقّن من عمل الأصحاب، وفي غير ذلك لم نخرج من دليل طرح ما خالف الكتاب، فاذا كان عندنا خبران متعارضان أحدهما يخالف الكتاب فالمخالف ليس حجّة بحكم الدليل الثاني، وغير المخالف حجّة بحكم الدليل الأوّل. ولو فرض أنّ المخالف يكون بنحو التقييد والتخصيص؛ وذلك لفقدان الشرط الثاني من شرطي الخروج عن الدليل الثاني، وهو عدم المعارض، فبذلك ثبت تقدّم غير المخالف للكتاب على المخالف.

واما الترجيح الثاني فتخريجه بمقتضى القواعد يكون بأنْ يقال: إنّ لكلّ دليلين مرتبتين من الظهور.

1 ـ ظهوره في المراد الاستعمالي.

2 ـ ظهوره في المراد الجدي.

فإذا ورد خطابان متعارضان فالعرف أوّلا يعالج تنافيهما في مرتبة الدلالة الاستعمالية، فإن كان أحدهما على تقدير الاتّصال هادماً لظهور الآخر، فعلى تقدير الانفصال يكون قرينة لرفع اليد عن ظهور الآخر ـ على ما مضى من القاعدة الميرزائية ـ، ولا تصل النوبة مع علاج التعارض في مرتبة المدلول الاستعمالي إلى مرتبة اُخرى.