المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

709

الإشكال الخامس: هو التشكيك في أحد الرواة الواقعين بين الراوندي والصدوق، وهو أبو البركات عليّ بن الحسين العلوي الخوزي، فيشكّك في وثاقته على أساس أنّه لم يشهد بوثاقته أحد العلماء المعاصرين له من قبيل منتجب الدين في فهرسته، أو ابن شهر آشوب في معالمه.

نعم، صاحب الوسائل شهد له بالوثاقة(1)، إلاّ أنّ صاحب الوسائل الذي هو يعيش في القرن الحادي عشر يكون الفاصل بينه وبين أبي البركات الذي هو مثلا في طبقة الطوسي أو المرتضى تقريباً فترة زمنيّة طويلة حوالي سبعمائة سنة، فلا يمكن التعويل على شهادة الشيخ الحر(رحمه الله) ؛ وذلك لأنّ التعويل على شهادته إنّما يكون إذا كان هناك احتمال الاستناد إلى مدرك عرفي عقلائي. وأمّا إذا كانت الشهادة على أساس الاجتهاد والحدس فهي ساقطة عن الحجّيّة، وبعد مضي سبعمائة سنة مثلا كيف نفرض أنّ صاحب الوسائل كان له مدرك حسّي عرفي لو ثاقة أبي البركات؟! فلا بدّ أن تكون شهادته على أساس الحدس والتخمين من حيث إنّ أبا البركات وقع في تسلسل إجازة بعض الكتب، ككتاب أمالي الصدوق (رحمه الله) مثلا، فمن هذه الناحية شهد بأنّه ثقة، وبأنّه عالم، وبأنّه محدّث، فلا تكون هذه الشهادة حجّة، وهذا بخلاف شهادات الشيخ الطوسي مثلا بالنسبة إلى الرواة، فإنّه لا يوجد هذا الفاصل الزمني الطويل، فمثلا فاصلة (700) سنة لا توجد بين الشيخ الطوسي وبين أبعد راو كأصحاب أميرالمؤمنين (عليه السلام)، فلا يوجد الفاصل أكثر من أربعة قرون تقريباً، فيقال مثلا: إنّ التفاوت بين (700) سنة و(400) سنة مقدار يؤثّر في بقاء احتمال الحسّ وعدم بقائه.

إلاّ أنّ هذه المناقشة ـ أيضاً ـ ممّا لا يمكن المساعدة عليها؛ وذلك لأن المقياس في احتمال الاستناد إلى أمر عرفي يسمّى بالحسّ في مقابل الحدس والتخمين لا يتحكّم فيه طول الزمان وقصر الزمان فقط، بل تتحكّم فيه كيفيّة هذا الزمان أيضاً، فقد يكون الزمان قصيراً ولكن قد مرّ هذا الزمان بنحو لا توجد مدارك عرفية واضحة، فتكون الشهادة عن حدس،


(1) راجع معجم الرجال: ج 11، ص 375. وراجع أمل الآمل: ج 2، ص 179.

والموجود في ما لديّ من نسختي هذين الكتابين توصيف الرجل بالجوزي لا بالخوزي، إلاّ أنّ الموجود في كتاب رياض العلماء: ج 3، ص 336 و337 و423 توصيفه بالخوزي. وأيضاً ورد توصيفه في المدركين الماضيين، أعني معجم الرجال، وأمل الآمل بالحلّي. وورد توصيفه في ما مضى من رياض العلماء في المواضع الثلاثة بالحسينى. أمّا التعبير الوارد في المتن وهو (العلوي الخوزي) فقد رأيته في رياض العلماء: ج 4، ص 111 مضيفاً إليهما كلمة (الحسيني) أيضاً.