المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

700

ومنها: ما في ذيل رواية أبي عمرو الكناني من قوله: (أبى الله إلاّ أن يعبد سراً، أما والله لئن فعلتم ذلك إنّه لخير لي ولكم، وأبى الله عزّوجلّ لنا ولكم في دينه إلاّ التقية) فهذا الكلام صريح في التفسير الذي نحن ذكرناه(1).

ومنها: أنّه قد فرض في الحديث إحراز السامع مراد الإمام من كلا الحديثين، وأنّه عرف التخالف بينهما، حيث يقول: (حدّثتك بخلافه) او يقول: (أخبرتك بخلاف ما كنت أخبرتك أو أفتيتك بخلاف ذلك)، وهذا معناه قطعية الظهور، كما أنّ المفروض قطعية الصدور، وعند قطعية الصدور والظهور معاً لا إشكال في تقديم ما يخالف العامّة، لا ما هو الأحدث، فإنّه مع قطعية الصدور والظهور يحصل القطع العرفي بأنّ ما وافق العامّة كان تقية، وما خالف العامة كان هو الواقع.

والخلاصة: أنّ هذه الروايات مسوقة مساق روايات اُخرى واردة بصدد لزوم العمل على التقية، والإثم في ترك التقية ونحو ذلك، من قبيل ما عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر (عليه السلام)قال: «قال لي: يا زياد ما تقول لو افتينا رجلا ممّن يتولاّنا بشيء من التقية؟ قال: قلت له: أنت أعلم جعلت فداك، قال: إن أخذ به فهو خير له وأعظم أجراً»، قال: وفي رواية اُخرى: «إن أخذ به أُجر، وإن تركه والله أثم»(2).

وما عن نصر الخثعمي قال: «سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول: من عرف أنّا لا نقول إلاّ حقّاً فليكتفِ بما يعلم منّا، فإن سمع منّا خلاف ما يعلم فليعلم أنّ ذلك دفاع منّا عنه»(3).

 

الطائفة الثالثة: ما تأمر بالارجاء والوقوف: وهي مقبولة عمر بن حنظلة قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث... إلى آخر الحديث الذي يأتي ـ إن شاء الله ـ في أخبار الترجيح، حيث إنّه يذكر فيه عدّة مرجّحات، ولو كنّا نحن وما فيه من المرجّحات لقلنا: إنّها تقيّد أخبار التخيير، ولا تعارضها، إلاّ أنّه جاء في ذيل الحديث بعد فرض عدم شي من تلك المرجّحات: إذا كان ذلك فأرجه حتّى تلقى إمامك،


(1) وكذلك يشهد لذلك ما في ذيل رواية المعلّى بن خنيس من قوله (عليه السلام): إنّا والله لا ندخلكم إلاّ فيما يسعكم.

(2) الوسائل: ج 18، ب 9 من صفات القاضي، ح 2، ص 76.

(3) نفس المصدر: ح 3.