المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

695

لأنّ تلك الروايات واردة في الخبر بقول مطلق، فمفادها نفي حجّيّة خبر الواحد، فتعارض بادلّة حجّيّة خبر الثقة، أو تخصّص بها مثلا. وهذه الرواية لو قسناها إلى مقتضى القاعدة فليس فيها ما يخالف القاعدة، فإنّها تدلّ على الطرح والردّ، وقد عرفت أنّ مقتضى القاعدة ـ أيضاً ـ ذلك. ولو قسناها إلى روايات التخيير فهي تعارضها؛ لأنّها حكمت بالردّ دون التخيير.

هذا من حيث الدلالة.

وأمّا من حيث السند فضعيف، فإنّه لو ثبتت وثاقة السند بين صاحب السرائر وكتاب مسائل الرجال، فلا أقلّ من مجهولية حال نفس محمّد بن عليّ بن عيسى الذي هو صاحب كتاب مسائل الرجال.

 

الطائفة الثانية: ما تأمر بالأخذ بالأحدث، من قبيل ما رواه في الكافي عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي عمرو الكناني، قال: «قال أبو عبد الله (عليه السلام) يا أبا عمرو، أرأيت لو حدّثتك بحديث أو أفتيتك بفتيا، ثمّ جئتني بعد ذلك فسألتني عنه فأخبرتك بخلاف ما كنت أخبرتك، أو أفتيتك بخلاف ذلك، فبأيّهما كنت تأخذ؟ قلت: بأحدثهما وأدع الاخر، فقال: قد أصبت يا أبا عمرو، أبى الله إلاّ أن يعبد سراً. أما والله لئن فعلتم ذلك إنّه لخير لي ولكم. أبى الله عزّوجلّ لنا ولكم في دينه إلاّ التقية»(1).

ورواية عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عثمان بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: «أرأيتك لو حدّثتك بحديث العام، ثمّ جئتني من قابل فحدّثتك بخلافه، بأيّهما كنت تأخذ؟ قال: قلت: آخذ بالأخير، فقال لي: رحمك الله(2)».

فلو تمّ الاستدلال بهذه الأحاديث على الترجيح بالأحدثيّة كان مفادها خلاف ما هو مقتضى القاعدة، وهو التساقط، كما أنّ مفادها خلاف روايات التخيير، ويقع الكلام في هاتين الروايتين في اُمور:

 


(1) الوسائل: ج 18، ب 9 من صفات القاضي، ح 17، ص 79 ـ 80 أو ج 27 ص 112 بحسب طبعة آل البيت.

(2) نفس المصدر: ح 7، ص 77، أو ص 109 بحسب اختلاف الطبعتين الماضيتين.