المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

654

 

 

 

تنبيهات على موارد مشكوكة للتعارض:

 

بقي التنبيه على اُمور تدور كلّها حول نقطة واحدة، وهي أنّنا قد عرفنا أنّه متى ما أمكن الجمع العرفي بين الدليلين خرجا عن التعارض وقواعده، ومتى ما لم يمكن الجمع العرفي بينهما دخلا في التعارض وقواعده. وهناك موارد يقع البحث والتشكيك في أنّه هل يمكن الجمع العرفي فيها، فلا تطبّق عليها قوانين التعارض، أو لا يمكن ذلك فنطبّق عليها تلك القوانين. فنتكلّم في هذه الاُمور عن موارد من هذا القبيل فنقول:

 

الأمر الأوّل: إذا تعارض عامّ مع مطلق:

فقد جاء في كلماتهم قبل المحقق الخراساني(رحمه الله) أنّه يُقدّم العام؛ لأنّه يرفع موضوع الإطلاق؛ لأنّ إحدى مقدّماته عدم البيان، والعام بيان، ولا يمكن العكس؛ لأنّ العامّ يكون ظهوره بالوضع لا بمقدّمات الحكمة.

وأورد على ذلك المحقّق الخراساني(رحمه الله) بأنّ هذا إنّما يتمّ لو كانا متّصلين في كلام واحد. وأمّا مع الانفصال فالإطلاق قد انعقد؛ لأنّ إحدى مقدّمات الحكمة إنّما هي عدم البيان المتّصل لا عدم البيان ولو منفصلا، فيقع التعارض بينهما، ولا يرفع العموم موضوع الإطلاق. نعم، قد يتقدّم العموم على الإطلاق بالأظهرية، وهذا أمر آخر.

ولكنّ مدرسة المحقق النائيني (رحمه الله) وافقت على ما كان يقال قبل المحقق الخراساني (رحمه الله)من تقدّم العموم ورفعه لموضوع الإطلاق(1).

وذكر السيد الاُستاذ(2) في وجهه: أنّ إحدى مقدّمات الحكمة ليست عبارة عن عدم البيان المتّصل، ولا عبارة عن عدم البيان ولو منفصلا بنحو الشرط المتأخّر، بل أمر بين الأمرين، فبذلك وجّه ووضّح مراد المحقّق النائيني(رحمه الله)، واختاره.


(1) راجع فوائد الاصول ج 4 ص 729 ـ 731 بحسب طبعة جماعة المدرسين بقم وأجود التقريرات ج 2 ص 513.

(2) راجع مصباح الاصول ج 3 ص 376.