المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

649

مورده، ولولاه لكنّا نأخذ بالمخصّص الأوّل، فمثلا لو دلّ: (أحلّ الله البيع) على حلّيّة كلّ بيع، وخصّص بخبر ثقة أخرج بيع الصبي، وكان لهذا المخصّص مخصّص من غير أخبار الثقاة يصحّح بيع المراهق، فبيع المراهق يكون صحيحاً لو قيل بحجّيّة ما وافق الكتاب، ولو كان مخبره غير ثقة، وإلاّ فلا.

والخلاصة: أنّ جعل الحجّية لما وافق الكتاب ليس أمراً غير معقول.

2 ـ أن يكون المقصود أنّ ما وافق كتاب الله فالمانع الموجود عن حجّيّة ما خالف كتاب الله غير موجود فيه، فهو حجّة على تقدير ثبوت باقي شروط الحجّيّة، من قبيل إنْ لم تتوضّأ فصلاتك باطلة، وإن توضّأت صحّت صلاتك، فإنّه ليس معنى ذلك صحّة الصلاة مع الوضوء ولو كانت صلاة إلى غير القبلة مثلا، وإنّما المقصود صحّة الصلاة بشروطها، فيكون العقد الإيجابي تاكيداً لنفس العقد السلبي، وتصريحاً بمفهومه، لا شيئاً جديداً.

والظاهر هو الاحتمال الثاني، لا الأوّل، سواء فسّرت الموافقة بمعنى وجود مضمونه في الكتاب، أو فسّرت بمعنى عدم المخالفة. أمّا على الأوّل فللغوية جعل الحجّيّة لما وافق الكتاب عرفاً؛ لكفاية نفس الكتاب وإن كانت له بعض الثمرات عقلاً كما عرفت، فاللغوية العرفية تصرف الرواية عن معنى جعل الحجّية إلى المعنى الثاني.

وأمّا على الثاني فلأنّ من الواضح المرتكز عند المتشرّعة عدم حجّيّة الخبر لمجرّد عدم مخالفته للكتاب، فإنّ مناسبات الحكم والموضوع تقتضي كون نكتة الحجّيّة طريقية، ومجرد عدم المخالفة للكتاب لا يعتبر في النظر العرفي نكتة طريقيّة للحجّيّة.

إذن، فعلى كلا التفسيرين للموافقة لا يعطي العقد الإيجابي تأسيس حجية جديدة.

 

وأمّا فقه الحديث، فنتكلم فيه في عدّة نقاط:

الاُولى: أنّ الروايات المنقولة عنهم(عليهم السلام) بعضها يوافق الكتاب وبعضها يخالف الكتاب، والأكثريّة الغالبة منها لا توافق ولا تخالف، فيبعد بحسب الفهم العرفي أن يكون قوله: «فما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالف كتاب الله فدعوه» غير ناظر إلى هذا القسم، فلا بدّ: إمّا من تفسير الموافقة بعدم المخالفة، فتصبح المخالفة مانعة عن الحجّيّة، وما لا يوافق ولا يخالف يكون حجّة عند اجتماع باقي الشروط، أو تفسير المخالفة بعدم الموافقة، فتصبح الموافقة شرطاً في الحجّية، فما لا يوافق ولا يخالف لا يكون حجّة.

ومن هنا قد يقال بالإجمال؛ لأنّ ارجاع إحداهما إلى الاُخرى ليس بأولى من إرجاع