المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

643

بناءً على تواتر ماهو من هذا القبيل، لكنّه يشمل بإطلاقه الشبهات الحكمية، بمعنى الفروع واُصول الدين وسائر المعارف الإسلامية.

القسم الثالث: ما يفرض نصوصيّته في خصوص الشبهات الحكمية، بمعنى الفروع، أعني ما فيه تنجيز وتعذير، ولا يمكن تخصيصه باُصول الدين وسائر المعارف الإسلامية، من قبيل آية النفر بناءً على نصوصيّتها في حجّيّة خبر الواحد في خصوص الأحكام بقرينة الإنذار والحذر.

ورواية ابن أبي يعفور فيها احتمالان:

الاحتمال الأوّل: وهو الظاهر، أن يكون مفادها نفي حجّيّة خبر الواحد ولو كان له شاهد من الكتاب، حيث إن فرض الحجّيّة لما له شاهد من الكتاب لغو عرفاً؛ لكفاية الكتاب، وإن كان بحسب التدقيق الاُصولي قد يترتّب عليها فائدة كما مضى، فمفاد رواية ابن أبي يعفور في الحقيقة هو أنّه لا عبرة بخبر الواحد، فما جاءكم يوافق كتاب الله فخذوا به، لكونه ـ في الحقيقة ـ أخذاً بالكتاب، وما لم يكن عليه شاهد من الكتاب فاطرحوه.

الاحتمال الثاني: أن يكون مفادها سلب الحجّيّة من خصوص ما ليس له شاهد من الكتاب.

فنتكلّم في نسبة الرواية على كلّ واحد من الاحتمالين إلى الأقسام الثلاثة من أقسام دليل حجّيّة خبر الواحد، فنقول:

أمّا على الاحتمال الأوّل، وهو كون مفادها نفي الحجّيّة حتّى عن الخبر الذي له شاهد من الكتاب، فنسبتها إلى القسم الأوّل هي نسبة الأخصّية، فلو كان دليل حجّيّة خبر الواحد منحصراً في القسم الأوّل لكنّا نخصّصه بالشبهات الموضوعية مثلا؛ لأنّ هذه الرواية واردة في غير الشبهات الموضوعية، وآية النبأ أعمّ من ذلك فتخصّص.

ولكن نسبتها إلى القسم الثاني هي نسبة التباين؛ لأنّ كلاّ منهما نصّ في غير الشبهات الموضوعية، فتصبح هذه الرواية مباينة للدليل القطعي، فتسقط عن الحجّيّة؛ لما سوف يأتي ـ إن شاءالله ـ من الطائفة الثالثة الدالّة على عدم حجّيّة ما خالف كتاب الله(1).


(1) لا يقال: إنّ هذه الطائفة بنفسها خبر الواحد، فكيف تثبت حجّيّتها حتّى يستدلّ بها على سقوط رواية ابن أبي يعفور؟!

فإنّه يقال: إنّ آية النبأ لا يمكنها أن تثبت الحجّيّة لخبر واحد مخالف للكتاب؛ لأنّه يوجد خبر واحد ينفي حجيّة ما يخالف الكتاب، فتختصّ الحجّيّة بغير ما خالف الكتاب، أي بغير مثل رواية ابن أبي يعفور.