المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

642

قطعي في المرتبة السابقة على حجّيّة خبر الواحد فلا معنىً للردع به؛ إذ نفس الخبر الرادع غير حجّة، ولو فرض قيامه على الحجّيّة إذن نقطع كذب الردع.

ويرد عليه: أنّنا نختار الشقّ الثاني، وهو قيام الدليل على الحجّيّة وهو السيرة، إلاّ أنّ السيرة إنّما تثبت الحجّيّة لولا الردع، والخبر الرادع لا ردع عنه، فالمقتضي للحجّيّة موجود، والمانع مفقود، وهذا الخبر رادع عن باقي الأخبار ومانع عن حجّيّتها ـ بعد فرض إمكان ردع الارتكاز بمثل ذلك ـ، فاقتضاء السيرة لحجّيّة هذا الخبر يحكم على اقتضائها لحجّيّة باقي الأخبار.

ومنها: أنّ هذه الرواية بنفسها لا شاهد لها من الكتاب؛ لأنّ آيات الردع عن العمل بغير علم ليس مفادها عدم حجّيّة خبر الواحد على ما نقّحناه في محلّه، فيلزم من حجّيتها عدم حجّيتها.

ويرد عليه: أنّ مفاد هذه الرواية ينحلّ إلى حجّيات عديدة بعدد الروايات، والمحذور إنّما يلزم من حجّيتها في الردع عن نفسها، فتسقط، ولا وجه لسقوط حجّيّتها في الردع عن الأخبار الاُخرى. واحتمال الفرق بين هذه الرواية وغيرها من الروايات موجود، فانّ هذه الرواية تريد أن تقرّبنا نحو الكتاب، فتمنع عن حجّية خبر ليس له شاهد من الكتاب، وتحصر الحجّية بالخبر الموافق للكتاب، فيحتمل الفرق في الحجّيّة بينها وبين سائر الروايات التي لا شاهد لها من الكتاب.

ومنها: أنّ رواية ابن أبي يعفور الدالّة على عدم حجّيّة الخبر الذي ليس عليه شاهد من الكتاب معارضة بأدلّة الحجّيّة، وطبعاً أدلّة حجّيّة خبر الواحد يجب أن تكون قطعية؛ إذ خبر الواحد لا يمكن أن يصير دليلا على حجّيّة خبر الواحد، وعندئذ لا بدّ أن نلحظ نسبة رواية ابن أبي يعفور إلى أدلّة حجّيّة خبر الواحد، وعلى سبيل النموذج نذكر ثلاثة أقسام من أدلّة الحجّيّة من الكتاب والسنّة تاركين الكلام في أصل تمامية الاستدلال بها على حجّيّة خبر الواحد وعدمها إلى مبحث خبر الواحد.

القسم الأوّل: ما يفرض له إطلاق لكلّ خبر من دون فرق بين الشبهات الموضوعية والحكميه، وأصول الدين وما يكون من قبيل اُصول الدين من سائر المعارف الإسلامية، من قبيل تفاصيل القيامة والجنّة والنار، وذلك من قبيل مفهوم آية النبأ لو تمّ الاستدلال به.

القسم الثاني: ما يفرض نصوصيّته في غير الشبهات الموضوعية بحيث لا يمكن تخصيصه بالشبهات الموضوعية، من قبيل: (العمري وابنه ثقتان، فما أدّيا عنّي فعني يؤديان)