المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

641

موجوداً في القرآن: إمّا بالنصوصية، أو بمثل العموم والإطلاق، وعندئذ: إمّا أن نفسّر هذه الرواية بإرادة نفي الحجّيّة، أي: إنّ الحديث الذي لا يكون عليه شاهد من كتاب الله لا يكون حجّة، فالحجّيّة تختصّ بما عليه شاهد من كتاب الله، وتظهر فائدة الحجّيّة أحياناً حينما يكون الحديث أخصّ من الكتاب مثلا، فيستفاد منه بعض الفوائد التي تستفاد من الخاصّ، ولا تستفاد من العامّ كالتخصيص. أو نفسّر هذه الرواية بإرادة استنكار صدور حديث لا يكون عليه شاهد من كتاب الله من الإمام.

واستظهار أحد التفسيرين يدور مدار تفسير قوله «فالذي جائكم به أولى به»، فإن فسّر بأنّه أولى به منكم ـ وهو الظاهر ـ فالمفاد هو نفي الحجّية، أي: إنّ هذا الحديث ليس حجّة لكم، والذي جاء به أعرف بوظيفته تجاه هذا الحديث وبصدقه وكذبه. وإن فسّر بأنّه أولى به منّي ـ أي: من الامام فالمفاد هو استنكار صدوره من الإمام وأنّني غير مطّلع على هذا الحديث، فالذي جاء به أولى به منّي.

فإن افترضنا ظهور الرواية في نفي الحجّية فلا محيص عن تخصيصها باُصول الدين ونحوها من المعارف الإلهية، من قبيل تفاصيل القيامة ونحو ذلك، ولا تشمل الأحكام؛ وذلك لثبوت حجّيّة خبر الواحد في الأحكام غير الموجودة في الكتاب والسنّة القطعية بارتكاز الاصحاب ـ ومنهم نفس ابن أبي يعفور الراوي لهذه الرواية ـ ارتكازاً كالمتّصل، وهم كانوا يهتمّون بضبط الأحاديث ولو مع الواسطة، ويعملون بها، وبنقل الأحاديث للآخرين مع توقّع العمل من الآخرين بهذا النقل.

وإن افترضنا ظهور الرواية في الاستنكار فنحن نقطع بكذب مفادها حتّى في اُصول الدين، فإنّ من شأن الإمام (عليه السلام) في مرتكز الشيعة بيان التفاصيل غير الموجودة في القرآن اُصولا وفروعاً، ونعلم إجمالا بوقوع ذلك منهم(عليهم السلام) في الاُصول والفروع؛ للتواترات الإجمالية فيهما. إذن فيحمل الحديث على محمل التقيّة، وأنّ الإمام فرض نفسه لدى ذكره لهذا الكلام منزلة إنسان عادي كأيّ عالم آخر من العلماء ـ كما كان ذلك اعتقاد العامّة بشأنهم ـ، فليس من حقّه أن يبيّن شيئاً ليس في كتاب الله أو في سنّة رسول الله(صلى الله عليه وآله).

وإن فرضنا إجمال الرواية وتردّدها بين المعنيين، فهي على أيّ حال مردّدة بين معنىً نقطع بكذبه ومعنىً لا يجري في باب الأحكام، فعلى ايّ حال، لا أثر لهذه الرواية في باب الأحكام.

هذا، ويمكن أن تردّ هذه الرواية بوجوه اُخرى أيضاً:

منها: أنّ الردع عن خبر الواحد بخبر الواحد غير معقول؛ إذ لو فرض عدم قيام دليل