المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

638

لسانه لسان القرينة بالنسبة لظهور الآخر، بل هما ظهوران متساويان، وعندئذ فإن قلنا في الصورة الثانية بتقديم مقطوع السند؛ لأنّ ارتكاز حجّيّة الظهور شامل لظهوره، وارتكاز حجّية السند غير شامل لسند مظنون الصدور؛ لقيام أمارة نوعيّة على خلافه، فهنا ـ أيضاً ـ يأتي نفس الوجه، ونقدّم مقطوع الصدور، ولئن قدّمنا مقطوع الصدور مظنون الدلالة على مظنون الصدور مقطوع الدلالة، فكيف لا نقدمه على مظنون الصدور والدلالة معاً؟!

وأمّا إن قلنا في الصورة الثانية بتقديم مظنون الصدور، بتقريب: أنّ دليل حجّية السند لفظي وله إطلاق يشمل المقام، بخلاف دليل حجّية الظهور، فهذا البيان لا يأتي هنا؛ لأنّ الدليل المظنون الصدور هنا مظنون الدلالة أيضاً، فدليل حجّية الظهور في مقطوع الصدور معارض لمجموع دليل حجّيّة الظهور ودليل حجّيّة السند في مظنون الصدور، ودليل حجّيّة سنده وإن كان لفظياً لكنّ دليل حجّية ظهوره لبّي، والنتيجة تتبع أخسّ المقدّمات، أي: إنّه صار التعارض بين دليلين لبّيين، فيقال بالتساقط مثلا.

وقد تحصّل: أنّ الصحيح في هذه الصورة الثالثة تقديم مقطوع الصدور، وسقوط مظنون الصدور عن الحجّيّة؛ لقيام أمارة ظنّية نوعيّة على خلافه.

نعم، نستثني من ذلك صورة واحدة وهي ما إذا كان تعارض المظنون الصدور مع مقطوعه من قبيل العموم من وجه أو ما يشبهه.

وتوضيح ذلك: أنّه تارةً يفرض أنّ المعارض المقطوع الصدور هو أصل ظهور مظنون الصدور، واُخرى يفرض أنّ المعارض له شعبة من شعب ظهوره، بحيث لو اُسقطت تلك الشعبة لم يكن سقوطها مساوقاً لسقوط ذاك الحديث، أو تأويله تأويلا بعيداً.

فعلى الأوّل يكون الدليل المقطوع الصدور طرفاً للمعارضة مع سند المظنون الصدور، إذ لا معنى لسقوط ظهوره راساً، والتعبّد مع ذلك بسنده، ويشكّل الدليل القطعي الصدور أمارة عرفية نوعيّة على كذب الخبر المظنون الصدور؛ لاستبعاد كونه صادراً مع فرض إرادة معنىً غير عرفي منه.

وعلى الثاني يقع الدليل المقطوع الصدور طرفاً للمعارضة مع شعبة من ظهور المظنون الصدور، ولنفرضها عمومه أو إطلاقه، ولا يشكّل أمارة نوعيّة على عدم الصدور راساً؛ إذ ما أكثر صدور كلام عن الشارع لم يرد منه عمومه أو إطلاقه، حتّى قيل: ما من عامّ إلا وقد خصّ. إذن ففي هذا الفرض يكون مقتضى القاعدة هو التعارض بينهما بمثل العموم من وجه، والتساقط في مادّة الاجتماع.

هذا تمام الكلام في ما هو مقتضى القاعدة.