المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

626

وأمّا بالنظر إلى تحكيم الارتكازات العقلائية فهذا التخيير ونفي الاحتمال الثالث وإن لم يكن على طبقه ارتكاز عقلائي، ولكن ليس الارتكاز العقلائي على خلافه أيضاً، بل العقلاء حياديّون تجاه هذه المسألة، ولا مانع لديهم من التخيير ونفي الثالث. إذن فنبقى نتمسّك بإطلاق الدليل المقتضي للتخيير بالنحو الذي وضّحناه.

هذا تمام الكلام في الجهة الاُولى، أعني تعيين الأصل الأوّلي عند التعارض بلحاظ دليل الحجّيّة العامّ.

 

مقتضى الأصل الثانوي في الخبرين المتعارضين:

الجهة الثانية: في ما هو مقتضى الأصل الثانوي في الخبرين المتعارضين بلحاظ دليل الحجّية العامّ بعد فرض ضمّ دليل كالاجماع على عدم التساقط.

فقد ذكروا ـ بعد أن اختاروا أنّ مقتضى الأصل الأوّلي هو التساقط ـ: أنّه لو ضمّ إلى دليل الحجّيّة العام دليل كالإجماع على عدم التساقط، وصلت النوبة إلى أصل ثانوي، وعندئذ فلو فرضنا القطع بأنّ ملاك الحجّيّة على تقدير وجوده يكون في أحدهما المعيّن أقوى فقد ثبت الترجيح؛ إذ بدليل عدم التساقط اكتشفنا وجود الملاك، وقد علمنا أنّه على تقدير وجوده فهو أقوى في أحدهما المعيّن، إذن فهو المتعيّن للحجّيّة، ولو فرضنا القطع بالتساوي على تقدير وجود الملاك فقد ثبت التخيير. ولو فرضنا احتمال الترجيح في أحدهما المعيّن دون الآخر دار الأمر بين الترجيح من طرف واحد والتخيير، فنحتاج إلى استيناف بحث عن أنّه لدى دوران الأمر في الحجّيّة بين التعيين والتخيير هل الأصل هو التعيين، أو التخيير؟ ولو فرضنا احتمال الترجيح في كل واحد من الطرفين فالأمر دائر بين التخيير والترجيح من كلا الطرفين، فأيضاً نحتاج إلى البحث عن أنّه عند دوران الأمر في الحجّية بين التعيين والتخيير فهل الأصل هو التعيين أو التخيير؟

أقول: قد عرفت ممّا مضى منّا أنّه في الأقسام الثلاثة الاُولى، أعني فرض العلم بالترجيح ـ على تقدير وجود الملاك ـ وفرض العلم بالتساوي ـ على تقديره ـ، وفرض احتمال الترجيح من طرف واحد ـ على تقديره ـ لا نحتاج إلى البحث عن افتراض قيام دليل خاصّ على عدم التساقط، بل نصل بنفس الاصل الأوّل إلى ما وصلوا اليه بعد ضمّ دليل خاص على عدم التساقط وضمّ هذا الدليل لا يصنع شيئاً، وذلك لما مضى من أنّه:

في القسم الأوّل نقطع بعدم حجّيّة ما ليس الملاك فيه أقوى: إمّا لعدم الملاك فيهما راساً، أو