المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

609

وسياتي ـ إن شاء الله ـ في البحث عن التعارض بين السند والظهور أنّ الظهور المعارض لسند قطعي يسقط عن الحجية؛ لدخوله في (ماخالف قول ربّنا لم نقله، وهو زخرف).

ولو فرضنا أنّ الخبرين قطعيّان سنداً، وأحدهما قطعيّ جهةً أيضاً ـ ولنفرضه خبر الحرمة ـ دون الآخر، قطعنا بالحكم في قطعيّ الجهة في المقدار المتيقّن، أي نقطع بحرمة ثمن عذرة غير المأكول مثلا، وبسقوط إطلاق خبر الحلّ: فإنّ قلنا بانقلاب النسبة فالكلام الكلام، وإلاّ وقع التعارض بين أصالة الإطلاق في خبر الحرمة وأصالة الجهة في خبر الحلّ وتتساقطان.

وعلى أيّة حال فقد تحصّل أنّ الجمع التبرّعي لا يخرج الخبرين عن كونهما متعارضين، ولا يكون جمعاً عرفيّاً.

هذا. ولو قلنا: إنّه جمع عرفي، فهذه مناقشة صغروية، ويبقى البحث الكبروي ـ في أنّه متى ما استحكم التعارض، فما هي الوظيفة؟ ـ ثابتاً على حاله.

فنقول: متى ما استحكم التعارض فهل مقتضى القاعدة التساقط الكلّي، أو مقتضى القاعدة السقوط الجزءي بمعنى سقوط أحدهما المعيّن دون الآخر وهو المسمى بالترجيح، أو سقوط كلّ واحد منهما في حالة دون اُخرى وهو المسمى بالتخيير؟

وهنا نضمّ المقام الثاني الذي نبحث فيه عمّا هو مقتضى القاعدة في تعارض السندين إلى المقام الأوّل الذي نبحث فيه عن تعارض الظهورين، ونجعلهما بحثاً واحداً فنقول:

 

التعارض بلحاظ فردي دليل حجية السند:

المقام الثاني: في ما هو مقتضى القاعدة في تعارض السندين، ونضمّه إلى البحث عمّا هو مقتضى القاعدة في تعارض الظهورين.

فنقول بشكل مطلق: إنّ الخبرين إذا تعارضا بلحاظ ظهورهما أو بلحاظ سندهما، فهل مقتضى القاعدة التساقط، أو الترجيح، أو التخيير؟

تحقيق الكلام في ذلك: أنّه لو فرض أنّ نكتة الحجّيّة العقلائية تقتضي بلحاظ ارتكاز العقلاء الترجيح انعقد لدليل الحجّيّة العامّ ظهور في حجّيّة خصوص ذلك الأرجح ولو مع فرض القول بأنّ مقتضى القاعدة ـ لو غضّ النظر عن الارتكاز ـ شيء آخر غير الترجيح؛ وذلك لظهور دليل الحجّيّة في كونه إمضاء لنفس الارتكاز العقلائي، وانصرافه إلى ما هو المرتكز عندهم.