المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

605

 

 

 

صلب البحث في مقتضى القاعدة:

 

والكلام تارةً يقع في التعارض بلحاظ فردي دليل حجّيّة الظهور، واُخرى بلحاظ فردي دليل حجّيّة السند. وثالثة بلحاظ فرد لدليل حجّيّة السند مع فرد آخر لدليل حجّيّة الظهور.

فالكلام يقع في ثلاثة مقامات:

 

التعارض بلحاظ فردي دليل حجّيّة الظهور:

المقام الأوّل: في ما هو مقتضى القاعدة بلحاظ الظهورين المتعارضين بالقياس إلى دليل حجّيّة الظهور العامّ.

قد يبدو للذهن أنّ مقتضى القاعدة هو التساقط؛ إذ تقديم أحدهما وجعله قرينة على التصرّف في الآخر خلف افتراض أنّه ليس خاصّاً، أو أظهر، أو نحو ذلك من الوجوه التي مضت للجمع العرفي، والتي تخرج الخبرين عن التعارض بهذا المعنى المقصود هنا، وعندئذ يكون الأخذ بأحدهما ترجيحاً بلا مرجّح، وبهما معاً غير معقول، فيتساقطان.

إلاّ أنّه في مقابل هذا الكلام توجد هذه العبارة المشهورة، هي عبارة: أنّ (الجمع مهما أمكن أولى من الطرح)، فمثلاً لو ورد (ثمن العذرة سحت) وورد (لا بأس بثمن العذرة) فالأولى أن يجمع بينهما بحمل كلّ منهما على القدر المتيقّن في مقابل الآخر، فيحمل مثلاًالأوّل على عذرة غير مأكول اللحم، والثاني على عذرة مأكول اللحم.

ويمكن تبرير هذه العبارة المعروفة بأحد وجهين:

الوجه الأوّل: أن يقال: إنّنا إنّما نرفع اليد عن الظهورين عند التعارض لأجل الضرورة، والضرورات تتقدّر بقدرها، فنحن مضطرّون إلى رفع اليد عن جزء من جزءي كلّ واحد من الظهورين، فنرفع اليد عن ظهور الأوّل في عذرة مأكول اللحم، وعن ظهور الثاني في عذرة غير الماكول. وأمّا الجزء الثاني من جزءي ظهور كلّ منهما فهو باق تحت دليل الحجّيّة من دون مبرّر لرفع اليد عنه، هكذا جاء في عبارة الشيخ الأعظم(رحمه الله) وغيره.

وجاء في كلامهم جوابه ـ أيضاً ـ وهو: أنّه كما يمكن رفع اليد عن جزء من جزءي كلّ من