المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

603

تخصّصاً، وذلك بأن لا يكون صادراً. إذن فنحن نعلم إجمالا بعدم حجّيّة أحد الظهورين، وبه ينحلّ العلم الإجمالي بعدم حجّيّة أحد الظهورين أو السندين، ويصبح السندان بمنجى عن المعارضة.

هذا، ولكن بالإمكان أن يدّعى أنّ هذا البيان يتمّ لو فرض خبر وأحد علم إجمالا بعدم حجّيّة سنده أو ظهوره، فنقول: إنّ ظهوره عندئذ خارج حتماً عن دليل الحجّيّة: إمّا تخصيصاً، أو تخصّصاً، فنبقى نتمسّك بدليل حجّيّة السند. وأما في المقام فكلّ واحد من الظهورين فيه ثلاثة احتمالات:

1 ـ أن يكون غير حجّة تخصيصاً.

2 ـ أن يكون غير حجّة تخصّصاً.

3 ـ أن يكون حجّة.

وفي مثل ذلك لا يتمّ هذا البيان؛ وذلك لإنّنا لم نعلم تفصيلاً في ظهور معيّن بعدم حجّيّته: إمّا تخصيصاً، أو تخصّصاً، غاية ما هناك أنّنا علمنا إجمالا بعدم حجّيّة أحد الظهورين تخصيصاً أو تخصّصاً، وفي مثل هذا الفرض يمكن أن يقال بعدم تماميّة دعوى انحلال العلم الإجمالي بسقوط السند أو الظهور عن الحجية.

وتوضيح ذلك: أنّه في باب العموم يقال بعدم حجّيّة العموم لإثبات التخصّص لدى دوران الأمر بين التخصيص والتخصّص، فمثلا لو ورد: (أكرم كلّ عالم) وعلمنا بعدم وجوب إكرام زيد، لم يكن لنا أن نثبت بذلك كون زيد جاهلا، فرغم أنّ مقتضى النظر البدائي هو أن يكون العموم حجّة ويثبت به لازمه، وهو جهل زيد، إلاّ أنّه لنكتة ما يفترض عدم حجّيّة ذلك، أي عدم حجّيّة العموم حينما يقطع بعدم انتهائه إلى أثر عملي من ناحية الحكم العام للعلم الإجمالي بالتخصيص أو التخصّص، ولكن يا تُرى هل نقول ـ أيضاً بعدم حجّيّة العموم وعدم إثبات التخصّص حتّى فيما إذا كان هناك عامّان وكان العلم بالتخصيص أو التخصّص إجمالياً بلحاظهما، لا تفصيلياً بلحاظ واحد منهما، فكانت أصالة العموم في كلّ واحد منهما ـ لو خلّي وحده ـ منتهية إلى الأثر العملي بلحاظ الحكم العام؟

وعلى أيّة حال، فالتحقيق في المقام: أنّ كلّ هذا الكلام تطويل للمسافة، فإنّ الواقع أنّ دليل حجّيّة السند ليس مفاده البناء على صدور الخبر حتّى يقال: هل شُرطت حجّيّة كلّ من السند والظهور بحجّيّة الآخر للغويّة حجّيّتها لولا حجّيّة الآخر، كما مضى في المبنى الأوّل، أو أنّ حجّيّة الظهور وحدها هي المشروطة بحجّيّة السند؛ لأنّ المقصود بحجّيّة الظهور