المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

601

فنقول: إنّ النسبة بينهما هي الحكومة الظاهريّة، فإنّ موضوع حجّيّة ظهور العامّ مركّب من جزءين: أحدهما نفس الظهور، والآخر عدم صدور الخاصّ، ودليل حجّيّة سند الخاصّ يعبّدنا بصدور الخاصّ، فينفي موضوع حجّيّة ظهور العامّ تعبّداً، وحيث إنّه لا يضيّق دائرة الموضوع من قبيل (لا ربا بين الوالد وولده) بل يعبّدنا بعدم تحقّق ما هو الموضوع حقيقة، فتكون الحكومة ظاهرية، والحكومة الظاهريّة بالإمكان أن تأتي في الأدلّة اللبّيّة من قبيل السيرة التي قامت في المقام على حجّيّة ظهور العامّ.

 

سراية التعارض من الدلالة إلى السند:

المقدّمة الخامسة: أنّ التعارض كما يمكن أن يكون في السند كذلك يمكن أن يكون في الدلالة والظهور.

وتفصيل الكلام في ذلك: أنّ الخبرين المتعارضين إن كانا قطعيّي الصدور ظنّيّي الدلالة، فالتعارض طبعاً بين الظهورين دون السندين، وإن كانا بالعكس فبالعكس.

وإن كانا ظنّيّي الصدور والدلالة فهما متعارضان في الظهور؛ إذ يدلّ كلّ منهما على خلاف ما يدلّ عليه الآخر، وهل يسري التعارض إلى السندين أيضاً، أو لا؟(1)، قد يتخيّل أنّه لا يسري التعارض إلى السندين، وأنّ التعارض إنّما هو بين الظهورين، فإنّ كلاًّ من الخبرين يدلّ على خلاف ما يدلّ عليه الآخر، فهما متعارضان في الدلالة. وأمّا من حيث السند فمن المحتمل صدورهما معاً، إذن فلا تعارض بين السندين. وتحقيق الكلام في ذلك: أنّنا تارةً نبني على أنّ حجّيّة كلّ من السند والظهور مشروطة بحجّيّة الآخر؛ إذ لولا حجّيّة الآخر لزمت لغويّة حجّيّته؛ إذ لا معنى لحجّيّة السند من دون ثبوت مفاد الحديث، أو حجّيّة الدلالة من دون ثبوت الصدور، ولا يترتّب أيّ أثر على ذلك، وكون حجّيّة كلّ منهما مشروطة بحجّيّة الآخر لا يستبطن الدور، فإنّ المقصود من ذلك هو كون حجّيّة كلّ منهما مشروطة بتماميّة الآخر من سائر النواحي.

واُخرى نبني على أنّ حجّيّة الظهور مشروطة بحجّيّة السند؛ لأنّ المراد بحجّيّة الظهور إنّما هي حجّيّة ظهور كلام المولى، لاحجّيّة ظهور كلام أيّ واحد من الناس، ولكنّ حجّيّة السند غير مشروطة بحجّيّة الظهور، فمعنى حجّيّة السند هو البناء على صدور هذا الكلام من المولى


(1) أفاد(رحمه الله): أنّ ثمرة البحث تظهر إذا بنينا على أنّ مقتضى القاعدة في تعارض السندين هو الترجيح.