المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

598

التصوّري، فكلّما كان الظهور التصوّري أقوى كانت غلبة إرادته وندرة إرادة خلافه أكثر، فعند اجتماع ظهورين تصوّريين لا يمكن التصديق بوجود الإرادة على طبق كليهما إذا كان أحدهما أقوى، فمقتضى الغلبة كون الإرادة مطابقة للأقوى، فينعقد الظهور التصديقي على طبق الأقوى من الظهورين التصوريين.

ويمكن ـ أيضاً ـ أن يدّعى ما مضى في التخصيص من افتراض دلالة تصوّرية ثالثة سياقية(1) هي التي تستقرّ في النفس على نكات ومؤونات زائدة لا مجال لشرحها، إلاّ أنّنا نذكر إحداها، وهي أنّه لا يمكن دعوى وجود دلالة سياقية لعنوان الأظهر والظاهر، فإنّه ليس هذا المفهوم هو الذي يتبادر إلى الذهن، وإنّما ينبغي دعوى وجود دلالة سياقية لواقع الأظهر والظاهر، وهذا ليس له ضابط عامّ كما في باب التخصيص، حيث قلنا: إنّ صورة العامّ مع صورة الخاصّ المجتمع معه موضوعة للعموم المقتطع منه الخاصّ، بل قد تختلف الأظهرية والظاهرية في كلام واحد باختلاف المتكلمين بما تكتنفهم من حالات وقرائن حالية، فعندئذ لابدّ: إمّا من تعدّد الوضع بعدد ما يوجد من أظهر وظاهر، أو دعوى الوضع بنحو الوضع العامّ والموضوع له الخاص.

والمقام الثاني: فيما إذا كان الظاهر منفصلاً عن الأظهر، وليس فيه مزيد بحث على ما عرفته في العامّ والخاصّ. فلو فرض الأظهر هو القرينة لم يرتكب إلاّ مخالفة واحدة لأصل عقلائي. ولو فرض العكس فقد ارتكب مضافاً إلى تلك المخالفة المتيقّنة مخالفة اُخرى(2)، كما يأتي هنا باقي الأقسام الأربعة التي مضت في العامّ والخاصّ.

هذا تمام الكلام في المقدّمة الرابعة.

وبهذه المقدّمات الأربع ظهر خروج الورود والحكومة والتخصيص والظاهر والأظهر عن محلّ الكلام، حيث إنّه في هذه الموارد لابدّ من تقديم الوارد والحاكم والخاصّ والأظهر.

 

تنبيهان:

بقي هنا تنبيهان:


(1) مضى منّا عدم قبول ذلك كأمر مستقلّ في مقابل نكتة الأقوائية والأظهرية.

(2) مضى النقاش في ذلك، وعلى أيّ حال، فالأقوائية التي تهدم ظهور الأضعف في فرض الاتّصال تهدم حجّيّته في فرض الانفصال، وذلك ببناء عقلائي قائم على أساس أنّه كلّما كان الظهور أقوى كانت غلبة مطابقته للمراد أكثر.