نعم يمكن تخريج جملة: (فإنّه على يقين من وضوئه) على الاحتمال الثالث بنحو صحيح عرفيّ،وذلك بأن نفرض جملتي: (فإنّه على يقين من وضوئه) و (لا ينقض اليقين بالشكّ) معاً جزاءً للشرط، لكن جزائيتهما باعتبارهما قياساً ودليلاً، أي: بلحاظ مرحلة الإثبات، فكأنّه قيل: وإن لم يستيقن أنّه قد نام جرى في حقّه هذا القياس: أنّه على يقين من ضوئه، ولا ينقض اليقين بالشكّ.
وأمّا بناءً على الإنشاء، فالاحتمال الأوّل يأتي هنا بنفس البيان الذي وضّحناه حرفاً بحرف.
والاحتمال الثاني يكون باطلاً كما كان باطلاً على الإخبار بنفس البيان أيضاً.
وأمّا الاحتمال الثالث فهو صحيح هنا من دون حاجة إلى التوجيه الذي وجّهناه به على الإخبار من جعل مجموع الجملتين جزاءً؛ فإنّ ثبوت اليقين بالوضوء فعلاً تعبّداً فرع عدم اليقين بالنوم، فلا بأس بجعله جزاءً له.
هل يخل بعض الفروض السابقة بالاستدلال؟
الناحية الثالثة: في أنّه هل يخلّ بعض هذه الفروض بالاستدلال بالحديث على الاستصحاب في جميع الأبواب أو لا؟
قد يتراءى أنّ استفادة القاعدة الكلّية من هذا الحديث لا تتمّ لو جعلنا قوله: «لا ينقض اليقين بالشكّ» جواباً؛ لأنّ الجواب إنّما يكون على حدّ الشرط وبمقداره سعةً وضيقاً، فيلزم أن يختصّ ذلك بباب الوضوء باعتبار اختصاص الشرط في الكلام به.
ولكن لو جعلنا قوله: «لا تنقض اليقين بالشكّ» جواباً بحسب عالم الإثبات، أي: باعتبار دليليته وكبرويته كما مضى منّا في توجيه الاحتمال الثالث، لم يلزم منه ذلك؛ فان غاية الأمر هي أنّ الإثبات المقصود في الحديث مختصّ بهذا الباب، ولا ينافي ذلك التمسّك بكلّيّة الكبرى في سائر الموارد.
على أنّه لو لم يتمّ اقتناص كبرىً كلّية من هذا الكلام في نفسه، كفانا بعض الوجوه السابقة في مقام فهم القاعدة الكلّية التي لم تكن مربوطة بدعوى كلّية نفس النصّ عموماً أو إطلاقاً، وذلك كما في التعدّي والتعميم بواسطة الارتكاز، فلا تبقى لهذه الفروض التي مضت في المقام ثمرة في مقام إمكان اقتناص المقصود وعدمه من الحديث فيما نحن فيه.