المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

510

التمسّك بالعامّ، وإلاّ فلا.

وهناك عدّة تفسيرات.

التفسير الأوّل: ما ذكره السيّد الاُستاذ(1) حيث فسّر ذلك بكون العامّ استغراقياً له امتثالات عديدة، وعصيانات عديدة، ويمكن أن يطاع بلحاظ وقت، ويعصى بلحاظ وقت آخر، فهذا ما يسمى بكون الزمان مفرِّداً ومقيّداً، وكونه مجموعيّاً له امتثال واحد وعصيان واحد، وإذا عصى في زمان لم يمكن الامتثال، وهذا ما يقال عنه: إنّ الزمان لم يكن مقيِّداً ومفرِّداً، فيصحّ التمسّك بالعامّ في الأوّل دون الثاني ؛ لأنّه على الأوّل يكون الحكم متعدّداً ؛ فإذا استثني أحدها بقي الباقي. وعلى الثاني يكون الحكم بالنسبة للكلّ فرداً واحداً، وإذا خرج لم يبقَ شيء تحت العامّ.

ومن هنا أورد السيّد الاُستاذ على هذا التفصيل بأنّنا قد اثبتنا في بحث حجيّة العامّ في الباقي بعد التخصيص أنّه حجّة في الباقي، سواء كان استغراقياً أو مجموعياً؛ فإنّ نكتة الحجّيّة جارية في كلا الفرضين، وهي أنّ العامّ له دلالات تضمّنيّة بعدد ما تحت العام، وإذا سقط بعضها عن الحجّيّة لا وجه لرفع اليد عن البعض الآخر.

ولنا حول ما ذكره السيّد الاُستاذ في المقام ثلاث تعليقات:

1 ـ إنّه لو كان مراد الأصحاب ما ذكره من فرض التفصيل بين الاستغراقيّة والمجموعيّة لم يكن يناسب ذكرهم لهذا البحث في المقام، وإنّما المناسب ذكر ذلك في بحث العامّ والخاصّ، فإنّ الاستغراقيّة والمجموعيّة لا تختصّ بالأفراد الطوليّة، بل تجري في الأفراد العرضيّة أيضاً، ونكتة التفصيل لو تمّت جرت في الأفراد العرضيّة، فيقال: إنّ العامّ حجّة في الباقي بعد التخصيص لو كان استغراقياً، وليس حجّة فيه بعده لو كان مجموعياً، من دون أن توجد نكتة في عمود الزمان حتّى يكون البحث مناسباً للمقام.

2 ـ من البعيد أن يكون مرادهم ما ذكره من فرض التفصيل بين الاستغراقيّة والمجموعيّة، فإنّه لو كان المقصود ذلك لزم منه لازم واضح لا يلتزمونه، وهو عدم حجيّة العامّ في الفرد الذي اُخرج في قطعة من الزمان فيما قبل تلك القطعة، كما لا يكون حجّة في ما بعد تلك القطعة، فإنّ النكتة واحدة، وهي أنّ كلّ فرد بالنسبة لقطعات زمانه فرد واحد لا يتبعض.

3 ـ ما ذكره السيّد الاُستاذ من حجّيّة العامّ بعد التخصيص في الباقي سواء كان استغراقياً


(1) راجع مصباح الاصول: ج 3، ص 216.