المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

506

عالمون(1) ببقاء الطهارة وعدم انتقاضها على تقدير حدوثها في الساعة الثانية، إذن فيعلم إجمالاً بأنّ يده الآن: إمّا طاهرة بالطهارة الاستصحابيّة، أو بالطهارة الواقعيّة.

وهذا الكلام لا يأتي فيما نحن فيه، فلا يمكن أن يقال فيما نحن فيه بأنّنا نستصحب الطهارة على تقدير ثبوتها في الساعة الاُولى ؛ إذ على هذا التقدير نقطع بانتقاضها في الساعة الثانية لفرض العلم الإجمالي بتوارد الحالتين.

هذا ما أفاده (رحمه الله) في المقام، وهو موقوف على مبناه من العلم المنوط الذي مضى فيما سبق مناقشته، وعرفنا أنّ المنوطيّة في العلم تساوق عدم وجوده بالفعل.

ومنها: أنّ الاستصحاب يُثبت ما هو من سنخ المستصحب من العنوان الإجمالي أو العنوان التفصيلي، وبما أنّ المستصحب في المقام هو الطهارة في زمان إجمالي، فالذي يثبت بالاستصحاب هو الطهارة بهذا العلم الإجمالي، فلا تترتّب عليه الآثار المترتّبة على الطهارة في واقع الزمان بالعنوان التفصيلي. نعم، إذا كان هناك أثر يترتّب على العنوان الإجمالي كما لو نذر التصدق على تقدير ثبوت الطهارة ولو بهذا العنوان الإجمالي، ترتّب ذلك الأثر.

ونذكر ممّا يرد على هذا التقريب إشكالاً واحداً وهو: أنّ هذا التقريب فيه خلط بين العنوان الثانوي وبين الجامع بين فردي الزمان، فإنّ الطهارة مثلاً تارةً نضيفها إلى واقع الزمان، لكنّه بقدر الجامع بين فردين من الزمان وبغضّ النظر عن خصوصيّة الفردين، وهذا تترتّب عليه كلّ الآثار المطلوبة في المقام، فإنّها آثار للطهارة في واقع الزمان. واُخرى نضيفها إلى عنوان ثانوي للزمان كعنوان وقت نزول المطر، وهذا هو الذي لا تترتّب عليه الآثار المطلوبة ؛ لكونها مترتّبة على الطهارة في واقع الزمان، وهذا خارج عمّا نحن فيه، مضافاً إلى وجوه اُخرى ترد على هذا الوجه(2).

 


(1)ذكر اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): أنّ هذا بناءً على ما فرضه (قدس سره) من انّ احتمال الانتقاض مختصّ بخصوص ما إذا كانت الطهارة في الساعة الاُولى حتّى يكون مورد النقض شبيهاً تماماً بما نحن فيه. وأمّا فرض أنّه على تقدير طهارة اليد في الساعة الاُولى يحتمل نجاستها من الساعة الثانية، وعلى تقدير حدوث الطهارة في الساعة الثانية يحتمل ـ أيضاً ـ حدوث النجاسة بعد ذلك. فعندئذ نجري استصحاباً منوطاً آخر بلحاظ الساعة الثانية، ونقطع إجمالاً بفاعليّة أحد الاستصحابين.

(2) من قبيل: أنّ كون المستصحب حدوثاً إجمالياً بلحاظ الزمان لا يستلزم كونه بقاءً كذلك. ومن قبيل: أنّ الحقّ كفاية الحدوث في الاستصحاب من دون ركنيّة اليقين ؛ وذلك لصحيحة عبدالله بن سنان، ففرض كون اليقين متعلقاً بالزمان الإجمالي لا يضرّ شيئاً.