المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

504

منها: أنّه كيف نجري في الساعة الثالثة استصحاب الطهارة مثلاً التي لا ندري أنّها في الساعة الاُولى أو الثانية، في حين أنّه إن اُريد استصحاب طهارة الساعة الاُولى فنحن نعلم بارتفاعها على تقدير حدوثها، وإن اُريد استصحاب طهارة الساعة الثانية فنحن نعلم ببقائها على تقديرها، فأيّ الطهارتين نستصحب؟!(1).

وهذا جوابه واضح وإن كان ظاهر نقل الناقل له عن المحقّق العراقي (رحمه الله) من دون نقل ردّ عنه أنّه (رحمه الله) يرتضيه؛ وذلك لوضوح أنّنا لا نستصحب طهارة الساعة الاُولى ولا طهارة الساعة الثانية، وإنّما نستصحب الجامع بينهما، والجامع مشكوك البقاء، وهذا هو الحال دائماً في استصحاب القسم الثاني من الكلّي المردّد فرده بين فرد قصير مقطوع الارتفاع وفرد طويل مقطوع البقاء، فمثلاً عند العلم الإجمالي بطروّ حدث إمّا هو الأكبر، وإمّا هو الأصغر لو توضّأ يجري استصحاب الحدث، في حين أنّه إن كان الحدث أصغر فقد ارتفع حتماً، وإن كان أكبر فهو باق حتماً.

نعم، لو أردنا أن نستصحب الطهارة المعلوم إجمالاً كونها في الساعة الاُولى أو الثانية مثلاً في نفس الساعة الثانية، ونحن نعلم ـ أيضاً ـ بالنجاسة في إحدى الساعتين، جاء الإشكال من ناحية عدم الشكّ في البقاء حتّى على تقدير استصحاب الكلّي، فإنّ الطهارة في الساعة الثانية: إمّا غير موجودة، أو موجودة بوجود حدوثي، وليست بقاءً لطهارة سابقة.

وقد ذكر هذا ـ أيضاً ـ المحقّق العراقي (رحمه الله)، وهذا موقوف على اشتراط عنوان الشكّ في البقاء في الاستصحاب، وعدم كفاية اليقين بالحدوث والشكّ في الوجود.

وعلى أيّ حال، فهذا الإشكال لا يؤثّر شيئاً في المقام؛ إذ يكفي أن يمضي آنٌ من الساعة


(1)هذا الوجه لا يناسب مقام الشيخ العراقي (رحمه الله)، وهو غير موجود في المقالات، ولكنّه موجود في نهاية الأفكار، وأظنّ أنّ الخطأ من المقرّر بقرينة أنّه يوجد في المقالات بدلاً عن هذا الوجه وجه آخر يقرب منه في التعبير، وهو أنّه لو علمنا إجمالاً بالطهارة في إحدى الساعتين الاُوليين وبالنجاسة في الاُخرى وأردنا استصحاب الطهارة مثلاً في الساعة الثالثة، لم يمكن ذلك؛ لأنّنا نقطع بعدم ارتفاع الطهارة في الساعة الثالثة؛ لأنّها إمّا مرتفعة في الساعة الثانية، أو لا زالت باقية، كما أنّه لو أردنا استصحاب الطهارة في الساعة الثانية لم يكن يمكن؛ لأنّنا نقطع بعدم البقاء؛ لأنّ الطهارة في الساعة الثانية إمّا مرتفعة، وإمّا حادثة، ويشترط في الاستصحاب احتمال البقاء واحتمال الارتفاع.

أقول: إنّ اشتراط احتمال الارتفاع بالمعنى الذي يقوله لا دليل عليه.