المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

434

وقد اتّضح بتمام ما ذكرناه أنّ حجيّة اللوازم تكون في موردين:

1 ـ مورد كون الملحوظ درجة الاحتمال وعدم لحاظ قوّة المحتمل، أو عدم احتمال الفرق في المحتمل بين المدول المطابقي ولازمه مع عدم احتمال نكتة نفسيّة غير موجودة في اللازم، وذلك بأن تنفى احتمال النكتة النفسية المختصّة بالمدلول المطابقي إما بالظهور اللفظي لدليل الحجيّة، أو بضمّ ارتكازات عقلائية تكون كالقرينة المتصلة.

2 ـ مورد وجود إطلاق في دليل الحجيّة يشمل اللوازم.

إذا عرفت ذلك نأتي إلى تطبيق الأمر على المصاديق فنقول:

أمّا خبر الثقة وكذلك الظهور فالملحوظ في حجيّتهما هي درجة الاحتمال لا قوّة المحتمل ؛ إذ لم يؤخذ فيهما سنخ محتمل خاصّ، والمستفاد من دليل حجيّتهما ولو بمعونة الارتكاز العقلائي هو أنّه لم تلحظ في حجيّتهما أيّ نكتة نفسية في المدلول المطابقي، وإنّما لوحظت الطريقية الصِرف، فإنّ هذا هو الذي يفهم بالارتكاز العقلائي من دليل حجيّة الخبر والظهور، ولو من باب أنّ حجيّة الخبر والظهور من الاُمور العقلائية في نفسها، والعقلاء لا يلحظون في حجيّتهما نكتة نفسية في المدلول المطابقي، إذن فلوازمهما حجّة.

وأمّا أصالة الحلّ وأصالة الاحتياط فالملحوظ فيهما هو جانب المحتمل ؛ ولذا اُخذ في كلّ منهما قسم خاصّ من المحتملات، ولا إطلاق في دليل حجيّتهما يشمل اللوازم. إذن فلوازمهما غير حجّة، فلو فرضت ملازمة بين حليّة العصير العنبي ووجوب الدعاء عند رؤية الهلال فاثبات الحليّة بالأصل لا يوجب ثبوت وجوب الدعاء ؛ لاحتمال الفرق في درجة الأهميّة بين المحتملين.

نعم، لو فرضت الملازمة بين حليّة العصير العنبي وحليّة العصير التمري مثلاً، فبما أنّ كلتا الحلّيّتين داخلتان تحت دليل أصالة الحلّ نعرف عدم الفرق بين المحتملين في ذلك، لكنّ التمسّك هنا بالأصل المثبت لا محصّل له ؛ إذ هو في طول جريان الأصل في اللازم في نفسه، ولولا جريانه لم نقطع بعدم الفرق بين المحتملين ؛ إذ من المحتمل أن تكون الحلّيّة في باب العنب مثلاً أهمّ من جانب الحرمة، ويكون الأمر في باب التمر بالعكس.

وأمّا قاعدة الفراغ مثلاً فهي أمر بين الأمرين، أي: لوحظت فيها درجة قوّة الاحتمال وقوّة المحتمل معاً، فلو فرض أنّه فرغ من صلاة واشتغل بصلاة اُخرى، وقبل الفراغ من الصلاة الثانية شكّ في أنّه هل توضّأ قبل الصلاتين أو لا، فقاعدة الفراغ تحكم بصحّة الصلاة الاُولى وصحّتها ملازمة لصحّة الصلاة الثانية ؛ إذ لو كان متوضّئاً صحّت كلتا الصلاتين، وإلاّ