المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

417

هو باق على تلك الحالة السابقة، وهي أنّه يدرّس في كلّ يوم صباحاً أو لا، فهنا يوجد في قبال هذه الحالة السابقة حالة اُخرى وهي عدم تدريسه في نصف الليل، مثلاً لكن من الواضح أنّ الاستصحاب المركوز في الأذهان في مثل المقام إنّما هو استصحاب حالة كونه يدرّس في أوّل الصبح التي هي تشكّل قانون نسخ حالة عدم تدريسه الثابتة له فيما قبل الصبح، وكذلك الأمر في المقام، فإنّ حالة الحرمة التعليقية التي كانت ثابتة لهذا الجسم كانت تشكّل قانون نسخ الحلّيّة التي كانت ثابتة له وتخيّم عليها.

ويؤيّد كون المركوز العقلائي في المقام هو استصحاب الحرمة التعليقية دون الحلّيّة التنجيزية أنّه منذ بدايات تفتّح ذهن العلماء على جريان الاستصحاب في الشبهات الحكمية، أي: من حوالي أربعمائة سنة إلى الآن أخذ المشهور يجرون الاستصحاب التعليقي، إمّا مطلقاً كما هو المنسوب إليهم وإمّا مع التفصيل كالتفصيل الذي اخترناه، ونحتمل أنّه هو مقصود المشهور، ولم يكن حتّى المنكرون للاستصحاب التعليقي يستشكلون فيه من ناحية التعارض مع الاستصحاب التنجيزي، وبعدما التفتوا إلى مشكلة المعارضة أخذوا يفتّشون عن مبرّر لرفع اليد عن المعارضة، فاتّجهوا إلى الحكومة أو إلى عدم المعارضة ما عدا مدرسة المحقّق العراقي(رحمه الله) حيث ذهب(رحمه الله) إلى سقوط الاستصحاب التعليقي بالتعارض.

والخلاصة: أنّ هذه المحاولات الفنية للإجابة على التعارض هي توجيه وتبرير لما هو مركوز في ذهنهم من عدم التعارض، وقد أصابوا في الارتكاز واخطأوا في المحاولات الفنيّة.

وقد تحصّل من تمام ما ذكرناه جريان الاستصحاب التعليقي بالتفصيل المتقدّم وعدم معارضته بالاستصحاب التنجيزي.

 

تنبيهات الاستصحاب التعليقي

ولننبّه في ذيل بحث الاستصحاب التعليقي على اُمور:

الأوّل: بناءً على جريان الاستصحاب التعليقي في الأحكام هل يجري في الموضوعات الخارجية أيضاً، أو لا؟ ومثاله: ما يقال من أنّ حوضاً كان فيه الماء ثم شككنا في بقاء الماء فيه، وطرح فيه ثوب متنجس، فيقال: لو أنّه طرح في هذا الحوض قبل ساعة لغسل بالماء، فهل يقال بمقتضى الاستصحاب التعليقي: إنّه الآن ـ أيضاً ـ غسل بالماء، أو لا؟

ومنهج البحث هو أن نرجع إلى الوجوه الماضية في تصوير الاستصحاب التعليقي ليُرى أنّها تتم هنا أو لا فنقول: