المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

396

3 ـ استصحاب القضية التعليقية.

وأبطل الأوّل بالعلم بالبقاء، والثاني بعدم العلم بالحدوث والثالث بأنها قضية عقلية.

ثمّ ذكر بعد انتهائه من هذه الفروض فرضية، وهي استصحاب السببية وناقشها(1). وقد يقال: إنّ هذه هي عين الفرضية الثالثة وهي استصحاب القضية التعليقية، فما معنى ذكرها مستقلاًّ ومناقشتها؟

وتحقيق الكلام في ذلك: أنّه تارةً يقصد بالسببية تلك الحالة الثابتة حتى في زمان عدم وجود السبب ولا المسبب. وهذا مرجعه إلى القضية التعليقية فيتسجّل ما عرفته من الإشكال، وهو: أنّه لا معنى لذكرها كفرضية رابعة. واُخرى يقصد بها السببية بمعنى التأثير الفعلي الذي لا يتحّقق إلاّ بعد تحقّق تمام السبب خارجاً، وهذا يكون فرضية رابعة. والذي يناسب تقرير الكاظمي(رحمه الله)هو الأوّل، حيث إنّه اعترف بأنّ السببية كانت موجودة حدوثاً، وذكر في مقام مناقشة استصحابها أنّها عقلية وأنها متيّقنة البقاء، والذي يناسب أجود التقريرات هو الثاني، حيث إنّه اعترض على استصحاب السببية بأنّه إن قصد استصحاب جعل السببية فهو مقطوع البقاء لعدم احتمال النسخ، وإن قصد استصحاب السببية الفعلية فهي فرع تحقق السبب خارجاً بتمام قيوده وأجزائه، فهي ليست متيّقنة الحدوث.

وبعد أن عرفنا كلام المحقق النائيني(رحمه الله)في مقام إبطال الاستصحاب التعليقي نشرع في تمحيصه، ونعقد الكلام في ذلك في مقامين:

الأوّل: في ما هو المختار عندنا من مناقشته، وهي مناقشة في إطلاق كلامه لا في أصل كلامه، فيثبت بها التفصيل في جريان الاستصحاب التعليقي.

والثاني: في مناقشات اُخرى لو تمّت لأبطلت أصل كلام المحقّق النائيني(رحمه الله)لا إطلاقه.

أما المقام الأوّل: فالمدعى في المقام هو التفصيل بين ما لو كان كل قيود الموضوع في عرض واحد، أو كان بعضها مأخوذاً في موضوع بعض، فلا يجري الاستصحاب في الأوّل، ويجري في الثاني.

وتوضيح المقصود: أنّنا نوافق على رجوع قيود الحكم إلى الموضوع، وأقصد بالموضوع ما هو مصطلح المحقّق النائيني(رحمه الله)من القيود المأخوذة في الحكم مقدّرة الوجود المحكوم عليها


(1) راجع فوائد الاُصول: ج4 ص471 و472 بحسب طبعة جماعة المدرسين، وأجود التقريرات: ج2، ص412 ـ 413.