المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

393

هو الذي يرى الميزان في باب المفاهيم كون القيد راجعاً إلى الحكم أو إلى الموضوع، فإذا كان القيد راجعاً إلى الحكم كانت القضية ذات مفهوم، وإذا كان راجعاً إلى الموضوع وكانت القضية وصفية أو لقبية فلا مفهوم لها؟! فلو أرجع كلّ القيود إلى الموضوع لا نسدّ عنده باب المفاهيم رأساً، مع أنّه ليس كذلك.

صحيحٌ أنّه هو يسمّي كل القيود بقيود الموضوع، لكنه لا يقصد بالموضوع ما قصده به السيد الحكيم(رحمه الله)في المستمسك، ممّا هو معروض الحكم من قبيل الماء بالنسبة للطهارة أو النجاسة، أو من قبيل العالم بالنسبة لوجوب الإكرام، وإنما يقصد بذلك القيود المقدّرة الوجود التي رتّب عليها حكم مقدّر الوجود، ويصبح الحكم فعلياً بصيرورتها فعلية، توضيح ذلك: أنّه(رحمه الله)يرى أنّ الأحكام مجعولات ومخلوقات للمولى لا للأسباب الشرعية من قبيل زوال الشمس وغروبها مثلاً؛ إذ لا يتعقّل كونها مخلوقة لها إلاّ بناءً على دعوى أنّ الشارع أعطى لها السببية فأصبحت سبباً للحكم حقيقةً، فحينما تزول الشمس مثلاً يكون زوالها سبباً للحكم فيوجد الحكم، ولكن جعل السببية محال، إذن فالمولى هو الذي يوجد هذه الأحكام مباشرةً، ثم هنا طريقان لتصوير إيجاد المولى لها:

أحدهما: أن يفترض أنّه متى ما يوجد مصداق للموضوع بحسب الخارج يجعل المولى الحكم على طبقه ويوجده، وهذا وإن كان ممكناً عقلاً لكنه غير محتمل خارجاً.

والثاني: أنّه يُنشي من أوّل الأمر حكماً مقدّر الوجود على موضوع مقدّر الوجود، ويصبح الحكم فعلياً متى ما أصبح الموضوع فعلياً.

هذا ما يقوله المحقّق النائيني(رحمه الله) فكلّما يكون دخيلاً في الحكم بمعنى أخذه مقدّر الوجود، ودخل فعليته في فعلية الحكم يسمّيه موضوع الحكم، وأيّ ربط لهذا بما ذكره في المستمسك من رجوع قيد الحكم إلى قيد الموضوع بالمعنى المقصود لصاحب المستمسك؟!

والمحقّق النائيني(رحمه الله)يقول في كلماته: إنّ القضية الحملية ترجع إلى القضية الشرطية، ويقصد بذلك بيان كون الموضوع مقدّر الوجود، فحيث إنّ الشرط يكون بمعنى التقدير، وتكون التقديرية في القضية الشرطية بارزة وفي القضية الحملية مستترة يُرجع القضية الحملية إلى القضية الشرطية، ولم يذكر أبداً كون القضية الشرطية راجعة إلى القضية الحملية إلاّ في مقام تأكيد العكس، أعني: رجوع القضية الحملية إلى الشرطية واتّحادها معها.

ثمّ إنّنا نذكر تعميقاً لفهمنا لما ذكره المحقّق النائيني(رحمه الله)من الوجه في عدم جريان الاستصحاب التعليقي اُموراً: