المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

391

الكلام. ولو لم يؤخذ هذا القيد في الحالة السابقة حتّى بالنظر التصوّري فبقي الحكم بلحاظ الحالة السابقة تعليقياً واُريد إثبات الحكم في الحالة اللاحقة التي فقدت قيداً آخر كان مفروض الوجود في الحالة السابقة ومحتمل الدخل في الحكم وهو العدالة، فهذه الحالة ليست لاحقة لتلك الحالة، أي: لا توحّد بين القضية المشكوكة والمتيّقنة، والقضية المتيقنة لا زالت متيّقنة، والمشكوكة كانت مشكوكة من أوّل الأمر، وإن جعل مصبّ الإشارة نفس هذا الوجود الخارجي وقيل: إنّ هذا لو كان بالأمس عالماً لوجب إكرامه والآن كما كان، فقد توحّدت القضية المتيّقنة والمشكوكة، ولكن هذه قضية عقلية انتزاعية.

ولعمري إنّ الفرق بين مورد كلام الشيخ النائيني(رحمه الله) ومورد نقض الشيخ العراقي(رحمه الله)واضح، وكأنّه اشتباه نشأ من الخلط بين التقديرية الموجودة في القضية الحقيقية المجعولة على موضوع مقدّر الوجود والتقديرية في نظر الفقيه في استصحاب الحكم الكلّي.

ثمّ إنّ السيد الحكيم(رحمه الله)اختار في المستمسك(1) التفصيل بين ما لو قال المولى مثلاً: (العنب الغالي يحرم) أو قال: (العنب إذا غلى يحرم) فذكر: أنّ القيد إذا كان راجعاً إلى الموضوع لم يجرِ الاستصحاب، وإذا كان راجعاً إلى الحكم جرى الاستصحاب، وذكر في وجهه: أنّه إذا كان راجعاً إلى الموضوع لم يجرِ الاستصحاب باعتبار عدم حصول اليقين بالحكم. وأمّا إذا كان راجعاً إلى الحكم دون الموضوع فقد حصل اليقين بالحكم. ولا يقال: إنّ الشيء الثابت إنّما هو الجعل، ولم يتحقّق للحكم ثبوت في مرحلة الوجود الخارجي بلون من الألوان، فإنّ هذا تفكيك بين الجعل والمجعول، بأن يوجد الجعل ولا يوجد المجعول إلاّ متأخراً عن الجعل، وهذا مستحيل، فإنّهما متلازمان.

وذكر: أنّ المحقق النائيني(رحمه الله)قال بعدم جريان الاستصحاب التعليقي مطلقاً من باب أنّ القيد دائماً يرجع إلى الموضوع وإن كان بحسب الظاهر قيداً للحكم، فالقضية الشرطية مرجعها إلى القضية الحملية، والشرط يرجع إلى الموضوع، حيث برهن على أنّ انفكاك الحكم عن الموضوع وتأخّره عنه محال، فلو فرض قيد للحكم دون الموضوع كان هذا معناه تأخّر الحكم عن الموضوع وعدم وجوده عند وجوده حينما يكون ذلك القيد مفقوداً.

وذكر في مقام الردّ على هذا الذي نسبه إلى المحقّق النائيني(رحمه الله): أنّه إن كان يقصد برجوع قوله (العنب إذا غلى يحرم) إلى قوله (العنب الغالي يحرم) أنّه عبّر عن القضية الحملية بلسان


(1) راجع المستمسك: ج1، ص415 ـ 419 بحسب الطبعة الرابعة بمطبعة الآداب في النجف الأشرف.