المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

387

المشكوك ولم يحصل المتيّقن إلاّ بعد زوال القيد المشكوك. ففي المثال المذكور نفرض أنّ زيداً بالأمس كان عادلاً لكنه لم يكن عالماً أما اليوم الذي زالت فيه عدالته فهو عالم. ففي مثل هذا يكون المورد مورد الاستصحاب التعليقي، حيث لا قضية تنجزية، بل القضية هي أنّه لو كان قد أصبح عالماً بالأمس لوجب إكرامه جزماً لِوجدان شرائطها لحكم متيقنها ومشكوكها، فالآن ـ أيضاً ـ كذلك. فهذا هو الاستصحاب التعليقي، وأن شئت قلت في تعريفه: استصحاب الحكم عند الشكّ في بقاء الحكم المرتّب على موضوع مركب من جزئين ـ على أقلّ تقدير ـ عند فرض وجود أحد جزئيه وتبدّل بعض حالاته المحتملة الدخل قبل وجود الجزء الآخر.

ولقد كان المشهور قبل الميرزا(رحمه الله)جريان هذا الاستصحاب إلاّ أنّ الميرزا(رحمه الله)قد برهن على عدم جريانه، فأصبح المشهور من بعده عدم الجريان.

وصورة هذا الاستصحاب: أنّه توجد قضية متيّقنة معلّقة هي: لو كان عالماً لوجوب إكرامه فيستصحب بقاؤها إلى الحالة الثانية، ليحكم فيها بوجوب الإكرام لتحقّق الشرط وهو العلم حسب الفرض، فيكون جريانه كجريان الاستصحاب في سائر الشبهات الحكمية.

وهذا الاستصحاب يقع مهمّ البحث فيه وفي مناقشاته في مقامين:

أحدهما: يبحث فيه عن أصل جريانه وتماميّة أركانه.

والثاني: يبحث فيه عن وجود معارض له وعدم وجوده.

ولنشرع في كل من المقامين تفصيلاً:

 

تمامية الأركان في الاستصحاب التعليقي

المقام الأوّل: في تمامية الأركان في الاستصحاب التعليقي.

ومنطلق الإشكال في هذه النقطة أنّه لا يقين بالحدوث كي يجري الاستصحاب، وثمّة عبائر للميرزا(رحمه الله) يبدو على ملامحها في توضيح هذا الإشكال أنّ الاستصحاب يشترط فيه أن يكون المستصحب أمراً في صفحة الوجود، ومربوطاً بلوح الوجود وعالمه، وهذا ليس شيئاً في صفحة الوجود كي تكون الحالة السابقة موجودة.

ومن الواضح أنّ هذا الكلام باطل، فإنّه لا يشترط في الاستصحاب سوى حالة سابقة يتعقّل تعلّق اليقين بها،سواء كانت من لوح الوجود أو من لوح الواقع الذي هو أوسع من