المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

382

تقيّد الصوم به.

وقد تحصّل من مجموع ما ذكر: أنّه لا يمكن فيما إذا كان الزمان مأخوذاً في طرف الواجب إثبات التقيّد، لا باستصحاب الزمان ولا باستصحاب المقيّد.

هذا ولكنّا بإمكاننا إثبات النتيجة المستهدفه من وراء محاولة إثبات التقيّد وهي تنجيز الواجب على المكلف، فإنّ هذا يثبت في المقام دون حاجة إلى إثبات التقيّد. وتوضيح ذلك: أنّ الواجب تارةً يكون بنحو صرف الوجود كوجوب الصلاة بين الحدّين، وطوراً يكون بنحو مطلق الوجود كوجوب الصوم في تمام آنات ما بين الحدين.

أمّا الأوّل: فتارةً يفرض أنّه وجبت عليه الصلاة في أوّل الوقت، لكنّه أخّرها إلى أن شكّ في بقاء الوقت. وأخرى يفرض أنّه لم تجب عليه الصلاة إلاّ من حيث الشكّ كما إذا لم يكن بالغاً قبله مثلاً.

ففي الفرض الأوّل تجري قاعدة الاشتغال؛ لأنّ الشكّ في الفراغ ـ أو قل: في القدرة على الامتثال ـ بعد اليقين بالتكليف.

وفي الفرض الثاني لا تجري قاعدة الاشتغال ابتداءً، لكنّنا نجري استصحاب بقاء النهار؛ وذلك لأنّ الزمان مهما كان قيداً في الواجب فهو قيد في الوجوب أيضاً، فنستصحبه لا لكي نثبت حصول التقيّد الذي هو دخيل في الواجب، بل لكي نثبت عليه حكمه، وهو وجوب الفعل المقيّد، وعندئذ نشكّ في أنّ هذا الحكم الظاهري وهو وجوب المقيّد هل يمكن امتثاله لبقاء الوقت أو لا يمكن لانتفائه وانتهائه، والمرجع في مورد الشكّ في القدرة على الامتثال مع إحراز أصل التكليف إنّما هو الاحتياط لا البراءة.

ولا بأس أن يلفت النظر إلى أنّه في الفرض الأوّل لا يجري استصحاب النهار لإثبات التكليف بهذه الشاكلة، ولا استصحاب نفس الوجوب؛ إذ انّ هذا الاستصحاب لا ينتج شيئاً إلاّ بالانتهاء إلى قاعدة الاشتغال كما عرفت، وهي ثابتة هناك من أوّل الأمر، فيلغو الاستصحاب.

وأمّا الثاني: وهو ما كان من قبيل مطلق الوجود، فتارةً يفرض أنّ الشك في بقاء الزمان يكون من ناحية عدم الاطلاع على الساعات والأوقات، فنحن وإن كنّا نعلم مثلاً أنّ نهار اليوم هو اثنتي عشرة ساعة لكنّنا لا ندري هل انتهت الساعات الاثنتا عشرة أو لا، وفي مثل هذا الفرض لا ريب في الرجوع إلى أصالة الاشتغال، لأنّ الشكّ يكون في الامتثال والفراغ، لا في أصل التكليف الزائد.