المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

379

الإمساك الموجب لقطعه على كلّ تقدير بعدم بقاء الإمساك النهاري بنحو القضية التنجيزية، فلا يعقل تنجيز الإمساك عليه وتسجيله باستصحاب الإمساك النهاري بعد أن كان المكلّف قادراً على رفع موضوع هذا الاستصحاب، وهو الشكّ بنفس المخالفة.

وأمّا عدم جريان استصحاب الزمان بنفسه فلأنّك عرفت فيما مضى في فرض أخذ الزمان في الوجوب: أنّ الزمان لو كان قيداً لم يمكن إثباته بالاستصحاب إلاّ بنحو الملازمة العقلية؛ لأنّ التقيّد لازم للمستصحب في هذا الفرض. نعم، لو كان جزءً لثبت بالاستصحاب.

وهنا نقول: إنّ الزمان المأخوذ في طرف الواجب يكون قيداً دائماً، ويستحيل أن يكون جزءً من الواجب، ذلك لأنّه دخيل في الواجب حسب الفرض، فلو كان جزءً كان واجباً مع كونه غير اختياري وخارجاً عن قدرة المكلّف، فلا يتعقّل تعلّق الوجوب به. نعم، تقييد العمل بذلك الزمان داخل في قدرته، ولهذا يُعقل أخذه قيداً. وأمّا اعتباره جزءً للواجب فهو غير عقليّ ولا عرفيّ؛ لأنّ انبساط الوجوب على الزمان الذي هو خارج عن اختيار المكلّف غير معقول حتى عرفاً، فلا يرد ما ذكرناه من أنّ نظر العرف مبنيّ على التركيب والتحليل في باب التقيّدات.

وبهذا البيان ظهر بشكل وآخر بطلان ما ذكره المحقّقون في المقام لأثبات صحة جريان الاستصحاب في الزمان المأخوذ في طرف الواجب.

أمّا المحقّق النائيني فقد ذكر ما حاصله: أنّه إذا كان الأثر لمجموع شيئين، فإن كان من قبيل العرض ومحلّه رجع إلى التقييد، وإلاّ رجع إلى التركيب، وبما أنّ الزمان والصوم عرضان في محلّ واحد، وعلى معروض واحد، فلذلك يرجع إلى التركيب لا التقييد، فيكون الاستصحاب جارياً(1).

أقول بغض النظر عن أنّ الزمان والصوم هل هما عرضان في مستوى واحد أو لا: إنّ رجوع ما عدا العرض ومحلّه إلى التركيب إنّما يكون عند تعقّل التركيب في نفسه، وما نحن فيه لا يعقل فيه ذلك حتّى في نظر العرف؛ لما ذكرناه من أنّ الزمان باعتباره أمراً غير اختياري فلا يمكن أن يكون تحت التكليف، فلا تصل النوبة إلى البحث عن أنّه عرض في عرض الصوم أو في طوله.


(1) راجع أجود التقريرات: ج2، ص402.