المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

374

توضيح ذلك: أنّ المفروض تحقّق وحدة عرفية للزمان بحيث أوجبت أن تصبح الآنات واللحظات المتتابعة كأنّها أمر واحد ممتدّ مستمرّ وقد كان متّصفاً بالفجرية مثلاً ونحن نشكّ في أنّ هذه الصفة بعد باقية لهذا الموجود الواحد أو أنّها زالت وانتفت، فنستصحب بقاءها، فأمّا لو لاحظ العرف الآنات واللحظات بما هي امور متعدّدة وحدوثات تتلو حدوثات، فعندئذ كما لا يجري استصحاب مفاد كان الناقصة؛ لأنّ هذا الحدث لم يكن سابقاً موصوفاً بالفجرية كذلك لا يجري استصحاب كان التامة. أمّا إذا اعترفنا بأنّها أمر واحد عرفاً له حدوث وبقاء فلا محالة عند الشك في بقاء وصف من أوصاف هذا الموجود الواحد كالفجرية مثلاً نستصحب بقاءه، فإنّ مثل هذه الأوصاف والأعراض والحالات حدوثها وبقاؤها يتبع حدوث وبقاء موصوفاتها. وإن شئت قلت: إنّ الشكّ في الفجريّة بالإمكان رفعه بأن يُلحظ المفهوم الوحداني الذي يضمّ الفجر أيضاً، وهو النهار مثلاً، حيث إنّه أمر واحد موصوف أوّلاً بأنّه فجر، وثانياً بأنّه زوال، وثالثاً بأنّه عصر مثلاً، فنقول: إن هذا النهار المشكوك أنّه فجر أو لا كان فجراً سابقاً فالآن كما كان، فتثبت فجريّته.

 

الآثار المترتبة على الاستصحاب بالنحوين

بعد هذا ننتقل إلى ما يمكن أن يترتّب على استصحاب الزمان بنحو كان التامة أو الناقصة من آثار، ونتكلّم في هذه النقطة هنا على نحو الإجمال والكليّة؛ لأنّا سوف ندخل في تفصيلات ذلك في ذيل البحث عن المقام الثاني ـ إن شاء الله ـ.

فنقول: إنّ الزمان بنحو مفاد كان التامة أو الناقصة لو كان قد اُخذ في الموضوع كجزء الموضوع لا كقيد، فاستصحابه بالنحو الذي أُخذ فيه يفيد في ترتيب الأثر لا محالة.

وأما إذا كان قد اُخذ بنحو التقييد، فنحن نعلم أنّ القيد خارج عن حقيقة الموضوع، وأنّ التقيّد هو الجزء التحليلي الحقيقي له، فعندئذ استصحاب الزمان بأحد المفادين لا يثبت إلاّ ذات المقيّد، أمّا التقيّد فثبوته يحتاج إلى ملازمة عقلية خارجة عن مدلول الاستصحاب، فلا يثبت به لا محالة.

هذا حاصل الكلام في الأمر الأوّل وهو استصحاب الزمان.

 

الأمر الثاني: استصحاب الزمانيات:

أي: سائر موجودات عالم الحركة والتجدّد، كالجري والكنس والبحث وغيرها من