المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

373

كالمجاملات والتعارفات في المجلس بعد انتهاء البحث، فمثل هذه توجب أن يرى العرف انتهاء موضوع وبدء أمر وكلام جديد مستقل منفصل، فلا يجري الاستصحاب عند الشكّ في بقاء الحركة في كلام جديد مثلاً. فإنّ هذا يرى عند العرف فرداً جديداً يشكّ في حدوثه، ولا يرى نفس الأمر الأوّل وبقاءه، ولهذا يكون جريان استصحاب الحركة أو الكلام من استصحاب القسم الثالث من الكلي الذي لم يكن جارياً.

وقد اتّضح من بياننا في هذا المقام أنّ تنبيه استصحاب الزمان والزمانيات ليست جهة البحث فيه إلاّ مسألة الوحدة العرفية وتعقلها في الزمان الذي هو أمر مضطرب متصرّم متجدّد، فهو بحسب الحقيقة من شؤون التنبيه الذي يعقد لملاحظة هذا الشرط في الاستصحاب، فلا ينبغي جعله مستقلاً عنه، غير أنّ مثل هذا التشويش والاضطراب في مباحث الاستصحاب وتنبيهاتها مطّرد في أغلب التنبيهات، وحقّ البحث أن تصاغ مباحث الاستصحاب من جديد في صياغة اُخرى يحدّد فيها لكلّ بحث موضعه ومقامه، وهذا مأمول أن نقوم به ـ إن شاء الله تعالى ـ في الدورات القادمة، بعون الله وقوّته تعالى، فإنّنا في هذه الدورة بنينا على أن لا نمسَّ الهيكل العظمي لمباحث علم الاُصول الفاظها وعقلياتها.

هذا تمام الكلام بلحاظ استصحاب الزمان بنحو مفاد كان التامة.

 

الاستصحاب بنحو مفاد كان الناقصة

وأمّا استصحابه بنحو مفاد كان الناقصة لإثبات أنّ هذه اللحظة المشكوكة نهار أو ليل، فقد قال المحققون قاطبة ما عدا المحقّق العراقي في تقريراته(1) لا في مقالاته بعدم جريان هذا الاستصحاب؛ لأنّ الزمن المشكوك لم يكن قد وجد نهاراً فيما سبق حتى نستصحب له ذلك، فيثبت مفاد كان الناقصة، بل منذ أن وجد وحدث يشكّ أنّه نهار أو لا. واستصحاب بقاء النهار الذي هو مفاد كان التامّة لا يثبت نهارية الزمن المشكوك إلاّ بالملازمة العقليّة الخارجة عن مدلول الاستصحاب.

غير أنّ الصحيح جريان استصحاب الزمان بنحو مفاد كان الناقصة ـ أيضاً ـ كما كان يجري بنحو مفاد كان التامة، ولا يمكن التفكيك بين المفادين؛ لأنّ نفس النكتة التي صحّحت جريان استصحاب مفاد كان التامة تصحّح جريانه.


(1) راجع القسم الأوّل من الجزء الرابع من نهاية الأفكار ص 148 ـ 149 بحسب طبعة جماعة المدرّسين في قم.