المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

372

بالزمن المتخلل بين البحثين والواقعتين، لكنّه مع ذلك يرى العرف أن هنالك أمراً واحداً هو البحث المستمر المتواصل، أو المشي كذلك، يعبّر عن ذلك بأنّه ما زال يباحث وأنّه باق على عمله ومشيه، فتكون الوحدة العرفية المحقّقة للحدوث والبقاء محقّقة في مثل هذه الموارد، ولهذا نجد جريان نكتة الاستصحاب الارتكازي في مثل هذه الموارد، أي: إنّه لا يفرق في نظر العرف المعترف بالاستصحاب في الاُمور القارّة وفيما يكون من هذا القبيل ممّا يدلّ على انحفاظ الوحدة المعتبرة. وأيّما كان فهذا ـ أيضاً ـ منشأ من مناشئ الوحدة العرفية المصحّحة لجريان الاستصحاب.

ولا شيء يقابل به هذا المنشأ إلاّ ما قد يقال من أنّ استصحاب بقاء هذا الشيء الواحد كالبحث مثلاً معارض باستصحاب آخر يجري بلحاظ العدم المتخلل بين الواقعتين، فيقال مثلاً: إنّنا نستصحب عدم البحث الثابت قبل الوقت المعرّض للبحث من كلّ يوم، وبذلك ينتفي البحث في اليوم الذي نشكّ فيه. فالحاصل: أنّنا إذا ما نظرنا بإحدى العينين نرى أنّ هنالك شيئاً واحداً عرفاً له حدوث وبقاء بالرغم من تخلّل العدم، فيستصحب بقاء هذا الشيء الواحد عند الشك فيه، وإذا ما نظرنا بالعين الثانية نرى أنّ المشكوك مسبوق بالعدم مثلاً، فيستصحب العدم.

وإجمال الجواب على ذلك هو: أنّ الشيء المشكوك لو كانت له حالة سابقة مركّبة، أي: كانت لحالته السابقة حالةٌ وصفةٌ سابقة أيضاً، يكون الجاري هو الاستصحاب بلحاظ تلك الحالة السابقة الثانية لا الاُولى، ففي مثال البحث وإن كانت الحالة السابقة قبل البحث المشكوك هي العدم غير أنّ هذا العدم حالته سابقاً أنّه كان ينتقض بالوجود في كلّ يوم سابق (وتخلل الوجود بين العدم في هذا اليوم والعدم في الأيّام السابقة لا يضرّ بالوحدة العرفية كما قلنا)، فتكون الحالة السابقة المعتبرة في مثل هذا هي حالة انتقاض العدم بالوجود، لا حالة العدم، فلا معارضة في البين على شرح موكول إلى محلّ آخر.

فيتلخّص من كلّ ما ذكر: أنّ هنالك مناشئ خمسة لتحقّق الوحدة العرفية المعتبرة في الاستصحاب بحيث يكون كلّ واحد كافياً لتحقيق هذا الشرط.

نعم، ربما يعرض في البين مانع آخر يثلم الوحدة بنكتة مستقلّة، فتوجب عدم إمكان الاستصحاب في شخص الواحد الذي وجد، بحيث يحدث في البين عنوان جديد يرى أنّه موضوع آخر غير الأوّل وإن كان منشأ الوحدة بالنظر الدقّي موجوداً، مثلاً إذا استحال الشيء الواحد القارّ إلى موضوع آخر، أو إذا انتقل الباحث إلى كلام آخر غير بحثي