المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

365

علمنا مثلاً بدخول زيد في المسجد، وعلمنا بخروجه مع الشكّ في وجود الكلّي ضمن عمرو، أمكننا تصوير عنوان كلّي غير منحل وهو عنوان الإنسان الذي ليس معه إنسان آخر غير متيّقن، فهذا ينطبق على زيد لو كان هو الموجود فقط، وعلى عمرو لو كان هو موجود أيضاً؛ لأنّه إنسان ليس معه إنسان آخر غير متيّقن، وإنّما معه زيد المتيّقن، فهذا الجامع ينطبق على عمرو ـ على تقدير وجوده واقعاً ـ دون زيد؛ لأنّه حينئذ إنسان معه فرد آخر غير متيّقن، وهو عمرو. فهذا عنوان إجمالي منطبق: إمّا على زيد أو على عمرو، وليس انطباقه على زيد على كل تقدير، أي: سواء كان عمرو موجوداً أم لا كي يقال بالانحلال. وبالإمكان أن نختصر العنوان الإجمالي فنقول: الانسان الذي لم يدخل بعده غيره، فإن كان زيد هو الداخل فقط فهو ينطبق عليه، وإن كان عمرو قد دخل بعده فهو الذي ينطبق عليه هذا العنوان لا زيد، وعليه فيجري الاستصحاب بلحاظ هذا العنوان الكلّي غير المنحل.

وثالثاً: للحلّ بأنّ هذا الاستصحاب إن اُريد إجراؤه بلحاظ عنوان الجنابة من دون قيد فهو من القسم الذي لا يجري استصحاب الكلّي فيه، حيث إن كلّيّ الجنابة نعلم تفصيلاً بتحقّقه ضمن الفرد الصباحي، ونشكّ في تحقّقه ضمن فرد آخر لا يعلم وجوده من اصله، وإن اُريد إجراؤه بلحاظ عنوان الجنابة الحادثة مع الأثر المرئي فعندئذ نقول: إن اُريد إجراء الاستصحاب على هذا العنوان لإثبات الأثر بلحاظه بحيث كان هذا العنوان هو مركب الاستصحاب، فجوابه: أنّ هذا العنوان ليس هو موضوع الأثر، وإنّما موضوع الأثر هو ذات الجنابة من دون أن يكون لحدوثه من هذا الأثر دخل في الأثر، وإن اُريد ذلك بنحو يكون العنوان الإجمالي مشيراً إلى ذات الجنابة في الواقع فتكون هي مركب الاستصحاب، فهذا من استصحاب الفرد المردّد الذي تقدّم الكلام فيه.

إذن، فالصحيح أنّ أقسام استصحاب الكلّي هي ما ذكرناه، وهذا الفرع ليس إلاّ تطبيقاً من تطبيقات الصورة الرابعة حسب ترقيمنا لأقسام الاستصحاب، والذي قلنا فيه بعدم جريان استصحاب الكلّي.

ولا بأس أن ننبّه هنا إلى استثناء عن هذا الكلام سوف يأتي الحديث عنه مفصّلاً في محلّه إنشاء الله تعالى.

وعنوان التخصيص هو: أنّ ما نستصحبه تارةً يكون ثابتاً للفرد صدفة، من قبيل وجود الإنسان في الدار ضمن زيد صدفة وأردنا استصحابه وإبقاءه ولو ضمن عمرو، وأخرى يكون كذلك بلحاظ اقتضاء الطبيعة لذلك، كما إذا فرضنا أنّ طبيعة الإنسان الأفريقي يقتضي