المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

354

الإجمالي بنحو مانعة الجمع أو مانعة الخلوّ يكون المعلوم هو الجامع بين الفردين، لا القصير بخصوصه، ولا الطويل بعينه، ويكون استصحاب هذا الجامع الكلي إبقاءً لنفس المتيّقن، وهو الكلّي، وكونه في الفرد الطويل لا يجعله غير ما تيّقنّا به كما لا يخفى. نعم، لو قلنا بأنّ العلم الإجمالي يتعلّق بالواقع كما بنى عليه هو (قدس سره)، كان لهذا الكلام مجال.

ثانياً: لو بنينا على الاُصول الموضوعية التي بنى عليها، وقلنا بأنّ العلم الإجمالي لو كان بنحو مانعة الجمع، جرى استصحاب الكلّي، وإلاّ فلا، مع ذلك نقول: إنّ استصحاب كلّي الحدث يجري في المقام؛ لأنّ العلم الإجمالي هنا يمكن تقريبه بنحو مانعة الجمع ذلك أنّ العلم الإجمالي هنا علم إجمالي بين أمور ثلاثة: إمّا الحدث الأصغر وحده فيما إذا كان الخارج بولاً، أو الحدث الأكبر وحده فيما إذا كان منيّاً، وكان التضادّ بين الحدثين، أو مجموع الحدثين فيما إذا كان الحادث منيّاً، ولم يكن تضادّ بين الحدثين، فنحن نعلم إجمالاً بأحد هذه الاُمور الثلاثة بنحو مانعة الجمع؛ لأنّ الحدث الأصغر وحده مع الأكبر وحده لا يجتمعان، كما أنّهما لا يجتمعان مع فرض مجموع الحدثين. إذن، فنحن نعلم بالجامع بين الأطراف الثلاثة بنحو مانعة الجمع، فيجري استصحاب بقاء الجامع بينها، لكنّ هذا الإشكال ربّما لا يلتزم به، لفظاعة ما يستلزم منه، من أن يكون العلم الإجمالي متعلقاً بمجموعهما لو كان الموجود واقعاً من الفروض الثلاثة هو المجموع، فإن هذا ما لا يقرّ به وجدان إنسان.

ثالثاً: إنّ الشرط الذي فرضه في الاستصحاب موجود حتّى في العلوم الإجمالية بنحو مانعة الخلو فقط، ذلك أنّ نفس احتمال انصباب اليقين على الفردالطويل معناه احتمال بقاء المتيقّن. نعم، لو فرض أنّنا استفدنا من قوله: «لا تنقض اليقين» أنّ الموضوع مأخوذ بنحو التركيب من الشكّ في بقاء شيء، وأن يكون ذلك هو المتيقّن، لم يجرِ الاستصحاب؛ لأنّنا نحتمل أنّ اليقين تعلّق بغير الفرد الطويل، فيكون الشكّ في شيء يحتمل أن لا يكون هو المتيقّن، فالجزء الثاني غير محرز، لكنّه لا وجه له، بل إنّ الشرط هو عنوان احتمال بقاء المتيقّن، وهذا الاحتمال متحقّق بنفس احتمال تعلّق اليقين بالفرد الطويل، وليس هذا منافياً لوحدة المتعلّق في جملة: «لا تنقض اليقين بالشك»؛ لأنّ احتمال بقاء المتيّقن معناه احتمال بقاء ذاك الواقع الذي تعلّق به اليقين، فالشكّ واليقين منصبّان على مصبّ واحد(1).


(1) كأنّ المقصود: أنّ وحدة المتعلّق المفهومة من النصّ ليست بأكثر من انصباب الشكّ على بقاء المتيقّن، وهو حاصل، ولا يشترط انصباب الشكّ في البقاء على المتيّقن كي يقال: إنّ هذا غير محرز.