المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

351

لأنّه في مثل هذا يكون الحدث الأصغر مقطوع التحقّق والوجود على كلّ تقدير، أي: سواء كان البلل الخارج بولاً أو منيّاً، فيكون من موارد العلم التفصيلي بتحقّق الكلّي في ضمن فرد معيّن في الزمن الأوّل، كما يعلم بانتفائه في الزمن الثاني من أجل الوضوء، والشكّ البدوي في تحقّق فرد آخر مقارناً للفرد الأوّل، كي يكون الكلّي باقياً بعد ارتفاع الأوّل، وفي مثله يعالج الحدث الأصغر بالوضوء، والحدث الأكبر باستصحاب عدمه، دون إجراء استصحاب الكلّي؛ لأنّه غير جار على التحقيق في هذا القسم.

وتعليقنا على هذا الكلام: أنّ الحكم في هذه الصورة جريان استصحاب الشخص بعد الوضوء، وذلك بناءً على المبنى الفقهي المشهور والصحيح، من أنّ الحدث الأصغر لا يرتفع بالوضوء إذا كان مع الحدث الأكبر، وعليه فيكون المكلّف شاكّاً بعد الوضوء: هل ارتفع حدثه الأصغر فيما إذا لم يكن محدثاً بالأكبر، أو لم يرتفع بوجود الحدث الأكبر، فيجري استصحاب بقائه.

غير أنّ هذا الاستصحاب محكوم لاستصحاب آخر هو استصحاب عدم الحدث الأكبر، وبذلك يتنقّح موضوع الطهارة من الحدث بعد الوضوء؛ لما سيأتي من أنّ الموضوع مركّب من الحدث الأصغر وعدم الحدث الأكبر، أي: إنّ كلّ محدث بالأصغر من دون أن يكون محدثاً بالأكبر يرتفع حدثه بالوضوء، فباستصحاب عدم الحدث الأكبر هنا نثبت رافعية الوضوء للحدث الأصغر، ويبقى بعد ذلك استصحاب الجامع بين الحدثين المعلوم سابقاً، فإنّه لا يثبت انتفاؤه إلاّ بالملازمة، وهي لا تثبت بالأصول، فيترتّب عليه آثار الجامع، غير أنّه يكفي في الجواب حينئذ أنّه لا يجري، لأنّه من القسم الثالث كما ذكر المحقق العراقي(قدس سره).

2 ـ أن نفرض أنّ الحدثين متضادّان بالمرتبة والحدّ، لا بالذات، كالسواد الشديد مع السواد الضعيف، وقد أفاد(رحمه الله)في هذا الفرض: أنّه يجري هنا استصحاب الفرد؛ لأنّه يشكّ في بقاء نفس الحدث الأصغر بعد الوضوء، فإنّه لو كانت مرتبته قد اشتدّت لتحقيق موجب الحدث الأكبر فهو باق، وإلاّ فلا، فنستصحب بقاءه بالشخص، ومهما حاول المكلّف أن يرفع حدثه بالوضوء فهو غير قادر؛ لمكان هذا الاستصحاب.

وللتعليق على هذا نقول: إنّ هذا الاستصحاب الذي ذكره محكوم لاستصحاب آخر، هو استصحاب بقاء الحدث على المرتبة الخفيفة، حيث يكون هنالك شكّ في أنّ الحدث الأصغر ذا المرتبة الخفيفة هل تغيّرت مرتبته وحدّه كي يكون حكمه الارتفاع بالوضوء، أو لا فيرتفع بالوضوء، فيستصحب بقاؤه، وبذلك ينقّح موضوع الطهارة بعد الوضوء.