المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

346

التقريب الثاني: أن نفترض مبنىً فقهياً هو: أنّ لدينا موضوعاً مركّباً للحكم بالطهارة بقاءً، وهو طهارة الشيء حدوثاً وعدم ملاقاته للنجاسة بقاءً. وفي المقام قد ثبتت طهارة الملاقي فيما بين الملاقاتين بالاستصحاب، وعدم ملاقاتها للنجاسة إلى ما بعد الملاقاة الثانية محرز بالوجدان حسب الفرض؛ لأنّ الملاقاة كانت مع الطرف المغسول، فترتّب على نفس استصحاب بقاء الطهارة إلى ما بين الملاقاتين الطهارة بعد الملاقاة الثانية، ويقع التعارض بين هذا الاستصحاب واستصحاب جامع النجاسة أيضاً.

وهذا البيان ـ أيضاً ـ باطل لبطلان مبناه الفقهي، حيث إنّ الصحيح فقهياً، والذي يستفاد من الأدلّة أنّ الطهارة حدوثاً وبقاءً جعلت في عرض واحد على الشيء ما لم يلاقِ النجاسة، لا أنّ الطهارة في الساعة الاُولى جزء الموضوع للحكم بطهارة الشيء في الساعة الثانية، بل الشيء الذي ليس من أعيان النجاسات حكم عليه بحكم واحد بالطهارة المستمرّة إلى أنّ يلاقي النجس.

 

والمطلب الثاني: في صحّة الشبهة وبطلانها.

والصحيح أنّها غير تامّة؛ وذلك لأنّه: إن قصد بها استصحاب النجاسة المضافة إلى طرف من الطرفين المعيّن عند الله وفي الواقع، دَخَل هذا في استصحاب الفرد المردّد الذي قلنا بعدم جريانه. وإن قصد بذلك استصحاب النجاسة بما هي مضافة إلى مجموع الملاقيين لليد، أي: إلى الجامع بين الطرفين، فهذا الاستصحاب لا يثبت نجاسة اليد الملاقية إلاّ بالملازمة العقلية؛ وذلك: أنّ هذه النجاسة لو فرض محالاً وقوفها على الجامع وصرف الوجود، ولم تسرِ إلى شيء من الطرفين الملاقيين لليد، وبقي الطرفان طاهرين، لم تكن تتنجّس اليد الملاقية لهما، غير أنّنا نعلم من الخارج أنّ النجاسة يستحيل أن تقف على الجامع بحدّه الجامعي؛ إذ ليست هي كالأحكام التكليفية من الأمر والنهي التي قد تقف على الجامع وصرف الوجود من دون سريانها إلى الأفراد، وإن كان امتثالها وعصيانها بلحاظ الإتيان بالأفراد أو تركها، فإذا كان الجامع بين الطرفين نجساً فالنجاسة موجودة حتماً في أحد الطرفين المتلاقيين مع اليد، فتتنجّس اليد لا محالة، إلاّ أنّ هذا الأمر العقلي لا يمكن إثباته بالاستصحاب.

ثمّ إنّه هل تثبت باستصحاب نجاسة الجامع بين الطرفين المانعية عن الصلاة وإن كان الطرف غير المغسول بنفسه منجّزاً على المكلف بالعلم بالإجمالي؛ إذ لا يرفع تنجيزه الثابت منذ البدء بإخراج أحد طرفيه عن مورد الابتلاء، فيكون هذا الاستصحاب مؤكّداً للتنجيز،