المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

344

المطلب الأوّل: في مورد هذه الشبهة.

فإنّ ظاهر عبائر بعض من تعرّض لهذه الشبهة عدم التفرقة بين ما إذا كانت الملاقاة للجانب المغسول من العباءة أوّلاً ثمّ للجانب غير المغسول، أو بالعكس، بينما الصحيح: أن تجعل الشبهة في الصورة الثانية فحسب وهي ما إذا لاقت اليد مثلاً الجانب غير المغسول أوّلاً، ثمّ لاقت الطرف المغسول. وأمّا في الصورة الأولى فلا تجري الشبهة حتّى لو جرت وتمّت في الثانية؛ وذلك لأنّ استصحاب بقاء النجاسة على إجمالها في العباءة لأثبات نجاسة الملاقي معارض باستصحاب طهارة الملاقي ـ وهو اليد ـ تلك الطهارة الثابتة بين الملاقاتين، حيث إنّ الملاقي نحن نقطع ببقاء طهارته حتّى بعد ملاقاته للطرف المغسول، فنستصحب هذه الطهارة لا الطهارة الثابتة قبل الملاقاتين معاً، التي هي محكومة لاستصحاب بقاء النجاسة المجملة في العباءة. وهذا الاستصحاب لا يكون محكوماً لاستصحاب النجاسة المجملة في العباءة؛ لوضوح أنّ النجاسة المجملة المردّدة بين الجانبين على تقدير ثبوتها إنّما يكون بإمكانها أن ترفع الطهارة الثابتة للملاقي قبل الملاقاتين معاً، أمّا الطهارة التي هي ثابتة بالقطع والوجدان بين الملاقاتين، فبقاؤها ليس إلى ما بعد الملاقاة الثابتة محكومة لاستصحاب تلك النجاسة المردّدة؛ لأنّ استصحاب تلك النجاسة لا يثبت أنّها في الطرف الآخر الذي لاقيناه ثانياً، إلاّ بنحو الملازمة التي هي من الأصل المثبت. إذن، فالتعبّد: ببقاء هذه الطهارة بالاستصحاب غير محكوم لشيء، وبكلمة أخرى: أنّ هذه الطهارة المثبتة بين الملاقاتين والتي يستصحب بقاؤها لا يكون زوالها مسبّباً عن نجاسة الجامع بين الطرفين على حدّ تسبّب نجاسة الملاقي عن نجاسة الملاقى، وإنّما زوالها يكون بنجاسة خصوص الطرف غير المغسول التي لا تثبت باستصحاب الكلي. إذن، فاستصحاب كلّي نجاسة أحد الجانبين لا يكون حاكماً على استصحاب طهارة اليد، بل يتعارضان في إثبات طهارة اليد ونجاسته(1).

هذا. ويمكن تعميم فكرة التعارض للصورة الاُخرى أيضاً، أعني: صورة ما إذا لاقت اليد أوّلاً الجانب غير المغسول من العباءة، ثمّ لاقت الجانب المغسول؛ فيصبح هذا البيان بذاته جواباً عن الشبهة العبائية وذلك بأحد تقريبين:

التقريب الأوّل: أنّنا نستصحب أوّلاً طهارة اليد إلى ما بين الملاقاتين، وهذا الاستصحاب إلى هنا غير محكوم لاستصحاب نجاسة الجامع كما هو واضح، ثمّ نستصحب الطهارة الثابتة


(1) ويكون المرجع أصالة الطهارة في اليد.