المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

330

أصلاً، ومن الواضح: أنّ الشكّ في الجامع والصورة الكلّية يكون من الشكّ في الأفراد، فهذه الصورة الجامعة بين الفردين المعلومة سابقاً يحتمل بقاؤها واستمرارها بمجرّد احتمال بقاء أحد الفردين على تقدير حدوثه.

2 ـ دعوى معارضة استصحاب الكلّي في هذه الصورة لاستصحاب عدم الفرد الطويل، وذلك: أنّ المفروض ترتّب الأثر على الكلّي والجامع، فيكون موضوع الحكم الشرعي هو الكلّي الذي يوجد بوجود الفرد، فيكون ـ لا محالة ـ عدم المحمول موضوعه عدم الموضوع، أي: عدم الكلّي، وعدم الكلّي يتحقّق بعدم هذا الفرد وذاك الفرد وذلك الفرد، وهكذا إلى تمام الأفراد، ونحن في المقام نعلم في الآن اللاحق أنّ الفرد القصير غير موجود، وإنّما نحتمل بقاء الكلّي ضمن الفرد الطويل، فنستصحب عدمه، وبذلك نضم التعبّد بعدم هذا الفرد إلى العلم الوجداني بعدم فرد آخر، ونثبت عدم الأثر، لأنّه مترتّب على عدم الكلّي الذي يعني عدم الأفراد. وقد أحرزناه بالتلفيق بين التعبّد والوجدان، وهو أمر جائز، فينافي استصحاب الكلّي ويعارضه.

وتفصيل الحديث في هذه المناقشة أن نقول: إنّ موضوع الأثر الشرعي تارةً هو الحصّة، كما إذا كان دليل الحكم قد اثبته على الطبيعة بنحو مطلق الوجود والاستغراق، بأن جعل لكلّ حصّة فرداً من الحكم يستقلّ في كونه موضوعاً له، وطوراً يكون الموضوع هو الطبيعة بنحو صرف الوجود.

فعلى الأوّل يكون هذا النقاش صحيحاً، وفي محلّه؛ لأنّ الموضوع إذا كان هو الحصّة فاستصحاب عدم الفرد ـ أو قل: عدم الحصّة الطويلة ـ ينفي ذلك الفرد من الحكم المرتّب على هذه الحصّة، والمفروض أنّنا نعلم بعدم وجود حصّة اُخرى تستقلّ بالحكم، فلا محالة ينتفي الحكم باستصحاب عدم الفرد الطويل، فيكون معارضاً لاستصحاب بقاء الجامع بناءً على جريانه لإثبات الحكم.

وأمّا على الثاني بأن كان الأثر للكلّي والجامع والطبيعة، بأن كانت هي الموضوع للحكم والأثر الشرعي، والأفراد والحصص مصاديق له ليس إلاّ، فإن بنينا على التصوّر الذي يرجع استصحاب الجامع إلى استصحاب الحصّة، فأيضاً لهذه المناقشة مجال، فإنّ استصحاب عدم الحصّة الطويلة ينفي ما يثبته استصحاب الحصّة، غير أنّ هذا بالحقيقة ليس استصحاباً للكلّي وللجامع، بل هو استصحاب الحصّة.

وأمّا إذا بنينا على الكلّي الهمداني، أو التصوّر الثالث، فهذا النقاش غير تام.