المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

325

أحدهما: ما قد يستفاد أو يستنتج من كلمات بعض الاُصوليين ـ في مواضع غير هذا الموضع ـ، وحاصله: أنّا نستصحب الحصّة، أي: تلك الحصّة من الإنسانية الموجودة في زيد وعمرو مثلاً، والحصّة تختلف عن الفرد، فإنّ الفرد يعني وجود الذات مع الخصائص والأعراض الاُخرى، بينما الحصّة تعني الذات الموجودة مع قطع النظر عن الأعراض والخصوصيّات، فيكون استصحاب الكلّي استصحاباً وتعبّداً ببقاء الذات الموجودة سابقاً، بينما استصحاب الفرد يعني الذات الموجودة مع صفاتها وخصائصها المتصفة بها.

الطريق الثاني: أنّ الاستصحاب الذي هو حكم شرعي وتعبّد ظاهري على حدّ سائر الأحكام والتعبّدات لا يتعلّق بالواقع والوجود الخارجي، بل يستحيل أن يتعلّق به وإنّما يتعلّق بالوجود الذهني والصورة المفهومية، لكنّها ملحوظة بالحمل الأوّلي، أي بما هي تعكس الخارج وتحكي عنه، لا بالحمل الشايع، ومن الواضح أنّ صورة الفرد بالحمل الأوّلي غير صورة الجامع والكلّي، كما ذكرنا في تصوير الكلّيّة والجزئيّة. إذن فمعنى استصحاب الكّليّ التعبّد شرعاً وظاهراً ببقاء الصورة الذهنية الكلّيّة، لكن لا ببقائها بالحمل الشائع وبما هي أمر ذهني، بل بالحمل الأوّلي وبما هي تحكي عن الخارج، بينما استصحاب الفرد يعني التعبّد ببقاء الصورة الجزئيّة بالحمل الأوّلي وبما هي تحكي عن الخارج، ويكون حال الاستصحاب الذي هو منجّز شرعي حال العلم الإجمالي الذي هو منجّز عقلي، فإنّه ـ أيضاً ـ غير متعلّق إلاّ بالجامع، لا بهذه الحصّة خاصّة ولا بتلك، ومع ذلك يكون منجّزاً ومجدياً.

فتلخّص ممّا ذكرنا: أنّ هنالك تصوّرات ثلاثة لاستصحاب الكلّي:

التصوّر الأوّل: هو الذي يميّز بين استصحاب الكلّي واستصحاب الفرد بالتمييز بين الكلّي الذي هو موجود خارجي وحداني بنحو السعة، والفرد الذي هو إشعاع ومرتبة وواجهة من واجهات الجزئيّ الخارجي، كما يقوله الرجل الهمداني.

والتصوّر الثاني: يميّز بينهما بأنّ استصحاب الكلّي يعني استصحاب الحصّة الخاصّة، بينما استصحاب الفرد يعني استصحاب الحصّة مع خصوصياتها العرضية المشخّصة.

والتصوّر الثالث: يميز بينهما بأن استصحاب الكلّي يعني الحكم شرعاً ببقاء الواقع بمقدار ما تحكي عنه الصورة الذهنية الكلّية، كالعلم الإجمالي، بينما استصحاب الفرد هو الحكم ببقاء الواقع بالمقدار الذي تحكي عنه الصورة الشخصيّة الجزئيّة، كالعلم التفصيلي.

وعلى أساس الاختلاف بين هذه التصورات تختلف النتائج التطبيقية في كلّ من الصور الأربع التي نريد البحث فيها بالتفصيل، فنقول: