المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

32

في محلّه، ولا بدليل خاصّ؛ لعدم أيّ دليل خاصّ على حجّيّته، وإذا اُريد التمسّك بالسيرة وعدم الردع كان ذلك رجوعاً إلى الدليل الثاني.

وأمّا الصغرى: فلأنّ كون الحالة السابقة مورثة للظنّ بالبقاء ـ لو خلّيت وطبعها ـ ممنوعة، فإنّ هذا الظنّ ناشئ من حسابات الاحتمالات المختلفة جدّاً باختلاف الموارد والاشخاص ومقدار البقاء، ومجرد الحالة السابقة لا تورث أيّ ظنّ بالبقاء. وأمّا الاستشهاد على حصول الظن بالسيرة العقلائية فغير صحيح، لأنّ بناءهم على البقاء باعتبار تحقق الحالة السابقة بما هي كذلك وإن كان ثابتاً في الجملة، ولكن ليس ذلك على أساس ظنّ منطقي، وإنّما هو على أساس وهميّ، وهو أساس الاُنس بالحالة السابقة، وبما أنّ هذا الأساس ثابت في الحيوانات، فلذا ترى أنّ هذا الجري ثابت في الحيوانات أيضاً، وبما أنّ هذا الوهم إنّما يتحقّق عندما يتكلّم في فرد معيّن لا في فرد مبهم، ترى أنّ هذا الميل النفسي إلى الحكم بالبقاء عند العقلاء إنّما يوجد عند تعيّن الفرد، فمن أنس ذهنه بصديق له عاش ستّين سنة مثلاً، ثمّ لم يره إلى سنة لسفر ونحوه، ولم يكن له أيّ إطّلاع على حاله، فلو سُئِل عن حياته يُرى أنّه يميل إلى فرض حياته، ولكن لو اُبدل هذا الشخص بشخص آخر مبهم، فقيل له: إنّ شخصاً عاش ستّين سنة ثم مضت عليه سنة ليس لنا اطّلاع على حاله، فهل هو حيّ يرزق أو لا؟ فهنا لا يميل إلى الحياة، بل يظهر الجهل المطلق، فلو كان البناء على البقاء على أساس منطقي لم يكن يفرّق بين الحالين.