المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

314

فوتها حدوثاً له، واستمرار الصحة بقاءً له، فيجري في المقام استصحاب الصحّة بناءً على القول بجريان استصحاب الصحّة في نفسه، وليس الحكم بالصحة بقاءً ثابتاً بقاعدة التجاوز حتّى لا نحتاج إلى الاستصحاب، في حين أنّ قاعدة التجاوز أصل جرى في مورد الشكّ.

بقي الكلام في تحقيق ما ذكره المحقّق النائيني(رحمه الله) في المقام من أنّه لدى الشكّ قد لا يكون الحكم الظاهري محرزاً بقاءً، فنثبته بالاستصحاب.

ولا إشكال في أنّ مجرد عدم إحراز الحكم الظاهري لا يكفي في استصحابه، بل لا بدّ ـ أيضاً ـ من عدم القطع بانقطاعه، وتحقيق حال عدم القطع بالانقطاع يكون بالرجوع إلى ما ذكرناه في ختام البحث في المقام الأوّل فيما إذا كانت الحالة السابقة ثابتة بالأمارة من الصور الأربع، فنقول:

الصورة الاولى والثانية: هما ما لو دلّ الأصل على الحدوث في مورد الشبهة الموضوعية أو الحكمية، وشككنا في البقاء بنحو الشبهة الموضوعية، كما إذا ثبتت طهارة الثوب بأصالة الصحّة في التطهير، أو باستصحاب طهارة الماء الذي طُهّر به الثوب، مع فرض كون الماء ملاقياً للمتنجّس، وقد شككنا أنّ المتنجّس ينجّس الماء، أو لا، ثمّ شككنا في ملاقاة الثوب للدم وعدمها، وهنا كما لا نقطع ببقاء الطهارة الظاهرية كذلك لا نقطع بارتفاعها؛ لأنّ أصالة الصحّة في التطهير، أو استصحاب طهارة الماء المغسول به هذا الثوب ينقّح لنا موضوع الحكم بالطهارة المستمرّة إلى حين الملاقاة للدم، فعند الشكّ في الملاقاة نكون شاكّين في بقاء الاستمرار وعدمه، فنجري استصحاب الطهارة(1).

الصورة الثالثة: ما لو دلّ الأصل على الحدوث في مورد الشبهة الموضوعية، وشكّ في البقاء بنحو الشبهة الحكمية، كما إذا ثبتت صحّة الوضوء بقاعدة الفراغ وشكّ في البقاء باعتبار خروج المذي المحتمل ناقضيته، وهنا يجري استصحاب الطهارة الظاهرية باعتبار أنّ قاعدة الفراغ في الوضوء تنقّح موضوعاً يكون حكمه مردّد الأمد، فلا ندري أنّ حكمه هو الطهارة إلى ما قبل خروج المذي، أو إلى ما بعده، أي: إنّنا شككنا في طول تلك الطهارة المجعولة وقصرها، فنستصحبها.

كما يمكن هنا استصحاب الطهارة الواقعية بالتقريب الذي مضى في هذه الصورة في ختام البحث عن استصحاب ما ثبت بالأمارة، فنقول: إنّ الفقيه متيقّن بالوجدان بأنّ من توضّأ


(1) وهذا هو نفس التقريب الذي مضى في بحث استصحاب ما ثبت حدوثه بالأمارة.