المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

310

غير التنزيلية.

وتفصيل الكلام فيه بلحاظ الاُصول التنزيلية هو: أنّه إن كانت التنزيلية بمعنى جعل الطريقية، كما يقال في الاستصحاب، فعندئذ لو قيل بجعله طريقاً، أو تنزيله منزلة القطع مطلقاً لا من حيث خصوص الجري العملي، فحاله حال الأمارة، ويقوم مقام العلم كما قامت الأمارة مقامه، وينقّح بذلك موضوع الاستصحاب بناءً على أنّه ينقّح بالأمارة موضوعه بهذا التقريب. ولو قيل بذلك من حيث خصوص الجري العملي يجب أن يُرى أنّ اليقين المأخوذ في موضوع الاستصحاب هل اُخذ فيه بلحاظ هذه الحيثية أو مطلقاً، فعلى الأوّل يقوم الأصل مقامه، بخلافه على الثاني.

وإن كانت التنزيليّة بمعنى تنزيل المؤدّى منزلة الواقع، فعندئذ إن قلنا بما ذكره المحقّق الخراساني(رحمه الله) في تعليقته على الرسائل(1) من أنّ جعل المؤدّى منزلة الواقع يدلّ بالدلالة الالتزامية العرفية على جعل العلم بالمؤدّى منزلة العلم بالواقع، صحّ إجراء آثار العلم، وإن لم نقل بعرفية ذلك ـ كما هو الصحيح ـ فإن ساعد العرف على تحليل موضوع الاستصحاب إلى جزئين بأن يقال مثلاً: إنّ موضوع استصحاب الطهارة الذي هو اليقين بالطهارة مركّب من اليقين بشيء، وكون ذلك الشيء طهارة، أمكن أن يقال في المقام أيضاً: إنّ موضوع الاستصحاب ثابت؛ لأنّنا عملنا بشيء وجداناً وهو المؤدّى، وذلك الشيء هو عبارة عن الطهارة الواقعية مثلاً تعبّداً؛ لأنّنا فرضنا تنزيل المؤدّى منزلة الواقع، فموضوع الاستصحاب تحقق جزء منه بالوجدان، والجزء الآخر بالتعبّد، إلاّ أنّ العرف لا يساعد على مثل هذا التحليل في المقام.

التقريب الثالث: الالتزام بأنّ اليقين المأخوذ في موضوع الاستصحاب إنّما اُخذ فيه بما هو منجّز أو معذّر، فيقوم الأصل مقامه؛ لأنّه ـ أيضاً ـ منجّز أو معذّر.

وهذا إشكاله ما مضى منّا من توضيح بطلان المبنى، أعني: كون اليقين مأخوذاً بما هو منجّز أو معذّر(2).

 


(1) ص 9 بحسب الطبعة التي هي من منشورات مكتبة بصيرتي بقم.

(2) هذه التقريبات الثلاثة كلّها مستقاة من نفس التقريبات الماضية في استصحاب ما ثبت حدوثه بالأمارة، وقد حذف من تلك التقريبات تقريبان، فلم نستفد منهما في مورد الأصل، لا لعلاج الشقّ الأوّل، ولا لعلاج الشقّ الثاني.