المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

285

الإصفهاني(1) والمحقّق النائيني(2)(قدس سرهم)، وهو: أنّ الأحكام الظاهرية إنّما تجعل لكي ينجّز بها الواقع او يعذّر عنه، فإنّما تعقل في مورد قابل للتنجيز والتعذير، فهي غير موجودة عند عدم وصولها إلى المكلف كبرىً أو صغرىً، أو غفلة المكلف عنها كبرىً أو صغرىً؛ لأنّها ليس بالإمكان تأثيرها في التنجيز والتعذير في هذه الموارد، وهذا بخلاف الأحكام الواقعية، فإنّها إبراز لأغراض واقعية ثابتة تكويناً سواء وصلت إلى المكلّف أو لا، وسواء غفل المكلّف عنها أو لا.

أقول: هذا الوجه إنّما تكون له صورة بناءً على مبناهم من كون الأحكام الظاهرية عبارة عن مجرد اعتبارات وجعول لكي يترتّب عليها التنجيز والتعذير، وأمّا على ما حقّقناه في محلّه من أنّها تبرز درجة الاهتمام بالأغراض الواقعية، فتلك الدرجة ـ أيضاً ـ أمر واقعي ثابت سواء وصلت إلى المكلّف أو لا، وسواء غفل المكلّف عنها أو لا، وعلى هذا المبنى لا تبقى صورة لهذا الوجه أصلاً.

الوجه الثاني: ما جاء ـ أيضاً ـ في كلام المحقّق الخراساني(رحمه الله)(3) وغيره(4)، وهو وجه إثباتي، وهو: أنّه قد اُخذ الشكّ في لسان دليل الاستصحاب موضوعاً، وظاهر جعل شيء موضوعاً هو كونه موضوعاً بوجوده الفعلي لا التقديري، فمثلاً قوله:(لا تكرم العالم) لا يشمل شخصاً لم يصبح عالماً، لكنّه لو كان يبقى عشرين سنة في الحوزة العلميّة لكان عالماً مثلاً.

وهذا الوجه ـ أيضاً ـ غير صحيح، فإنّنا حينما نراجع الصحيحة الاُولى نرى أنّه وإن جاء فيها قوله:«ولا ينقض اليقين أبداً بالشكّ» ولو خلّينا نحن وهذه الجملة لما كانت تشمل فرض تقديريّة الشكّ لدى الجمود على حاقّ لفظها، لكنّه:

أوّلاً: قد عطف على هذه الجملة قوله:«ولكن تنقضه بيقين آخر»، وهذا ظاهر في الحصر، أي: إنّ الناقض منحصر في يقين آخر فلا ينقض اليقين بغيره من شكّ فعليّ أو تقديريّ، أو ظنّ فعليّ أو تقديريّ مثلاً، فدائماً يعمل وفق اليقين السابق مالم يحصل اليقين بالخلاف.


(1) راجع نهاية الدراية: ج 5، ص 127 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت(عليهم السلام).

(2) راجع فوائد الاُصول: ج 4، ص 317 ـ 318 بحسب طبعة جماعة المدرّسين بقم، وأجود التقريرات: ج 2، ص 350 ـ 351.

(3) راجع كفاية الاُصول: ج 2، ص 308 حسب الطبعة المشتملة في حاشيته على تعليق المشكيني.

(4) راجع المصادر السابقة من نهاية الدراية وفوائد الاُصول وأجود التقريرات.