المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

273

 

 

 

 

 

 

 

 

 

وفاء الاستصحاب بدور القطع الموضوعي:

 

التنبيه الأوّل: في سعة دائرة المجعول في باب الاستصحاب وضيقها، وأقصد بذلك أنّ الاستصحاب هل يُثبت آثار العلم الطريقي فقط من التنجيز والتعذير، أو تترتّب عليه ـ أيضاً ـ آثار العلم الموضوعي؟

ولهذا البحث ثمرات مهمة ولو فنّاً وصناعةً:

فمن ثمراته جواز الإفتاء بالحكم الواقعي عند إثباته بالاستصحاب وعدمه، فمثلاً لو جرى استصحاب وجوب صلاة الجمعة وقلنا بقيام الاستصحاب مقام القطع الموضوعي، جاز الإفتاء بوجوب صلاة الجمعة واقعاً، وإلاّ فلا يجوز ذلك، وإنّما يجوز الإفتاء بالوجوب الظاهري. هذا بناءً على أنّ موضوع جواز الإفتاء بحكم هو العلم به لا ثبوته واقعاً، وإلاّ لكان جواز الإفتاء به من آثار الحكم المستصحب، فيترتّب على الاستصحاب بلا إشكال.

ومنها: أنّه لو قام الاستصحاب مقام العلم الموضوعي أصبح بهذا حاكماً على البراءة ورافعاً لموضوعها؛ لأنّ البراءة مغيّاة بالعلم، والاستصحاب يقوم مقام العلم تعبّداً، بخلاف ما لو لم يقم مقام العلم الموضوعي، فلا يحكم عندئذ على البراءة، ولا يقدّم عليها بهذا الوجه.

ومنها: حكومة الاستصحاب السببي على الاستصحاب المسبّبي بنفس ذلك البيان.

وقبل أن نشرع في بيان وجوه الاستدلال على قيام الاستصحاب مقام العلم الموضوعي والتكلم فيها نذكر شيئاً، وهو: أنّ تلك الوجوه إنّما ينفتح باب البحث عنها بناءً على ما اخترناه من أنّ المقصود من دليل الاستصحاب هو النهي عن نقض اليقين، وأمّا بناءً على ما