المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الخامس

248


لوجوب الصلاة، أو شرطاً في وجوب الصلاة، وجعلت الحيض مانعاً عن وجوب الصلاة، لولا تلك النكات لما كان هناك وجه لجعل المولى هذه الاُمور سبباً أو شرطاً أو لجعل تكليف ينتزع منها هذه الاُمور; إذ لولا أنّ هناك نكات قهريّة تكوينيّة موجودة في عالم التكوين للسببيّة والشرطيّة والمانعيّة لكان كلّ شيء سبباً لكلّ شيء، أو كلّ شيء شرطاً لكلّ شيء، وكلّ شيء مانعاً عن كلّ شيء سنخ ما يقال في الأسباب والقضايا الخارجية والقضايا التكوينيّة، فحينما يقال مثلاً: إنّ النار محرقة وهي سبب للإحتراق، أو اقتراب شيء الى النار شرط في الإحتراق، أو كون الشي مبلّلاً بالماء مانع عن الإحتراق، يقال: إنّ هذه السببيّة والشرطيّة وما شابه ذلك إنّما هي بنكات تكوينيّة وطبيعيّة وتسانخ، وإلاّ لكان كلّ شيء سبباً لكلّ شيء، وكذلك نفس هذا البيان يريد الشيخ الآخوند أن يذكره في ما نحن فيه فيقول: لو فرضتم هذه اُموراً جعليّة سواء بالجعل المستقلّ او منتزعاً عن الجعل، فلماذا المولى جعل زوال الشمس سبباً لوجوب الصلاة؟ ولماذا لم يجعل ارتفاع الشمس بمقدار قامة سبباً لوجوب الصلاة؟ ولماذا جعل طلوع الفجر سبباً لوجوب الصوم، ولم يجعل غروب الشمس سبباً لوجوب الصوم؟ فكلّ شيء يمكن أن يجعل ـ لو كانت القضية جعلية ـ سبباً لكلّ شيء، إذن هذه حتماً تتبع خصوصيّات طبيعيّة موجودة في زوال الشمس، أو غروب الشمس، أو طلوع الفجر، أو ما شابه ذلك، فسببيّة زوال الشمس في وجوب الصلاة تكوينيّة قهريّة حقيقيّة، وليست جعليّة، فذاك الملاك هو الذي جعل زوال الشمس سبباً في جعل وجوب الصلاة، وصحيح: أنّ وجوب الصلاة جعليّ، ولا نشكّ في ذلك، لكنّ ما هو السبب، أو ما هو الشرط في جعل وجوب الصلاة وهو زوال الشمس إنّما كان سبباً أو شرطاً لذلك لأنّ فيه ملاكاً يقتضي ذلك، وهذا ليس برهاناً عامّاً يثبت حتّى في شروط المكلف به، بل هذا برهان يجري في الأسباب الموجدة، وهي أسباب وشروط التكليف التي توجب التكليف، ولا يشمل شروط المكلّف به، فإنّ الشرط هناك ليس موجداً للتكليف وإنّما التقيّد داخل في المكلّف به، وبكلمة واضحة: انّ الفرق بين شروط التكليف وشروط المكلّف به هو: أنّ شروط التكليف داخلة في سلسلة علل التكليف، فلا يمكن أن تكون الشرطيّة منتزعة من التكليف، ولا مجعولة بجعل شرعي مستقل. أمّا شروط المكلّف به فهي قيود للمكلّف به، وليست عللاً للتكليف، فلا بأس بانتزاع شرطيتها من التكليف. هذا هو الوجه الثاني وبهذا الوجه الثاني كأنّما يريد أن يبطل كلا الشقّين.

وكلا هذين الوجهين غير صحيح.

مناقشة الدليل الأوّل للشيخ الخراساني:

أمّا الوجه الأوّل: وهو أنّه لا يمكن أن تكون شرطية زوال الشمس أو سببيّة زوال الشمس منتزعةً من الحكم التكليفي وهو وجوب الصلاة لتأخر الحكم عن الشرط، فهذا في الحقيقة يستبطن خلطاً في المقام، وإن شئنا أن نتكلّم بلغة مدرسة الشيخ النائيني مدرسة الجعل والمجعول، نقول: هذا خلط بين الجعل والمجعول، أو بين الجعل والفعليّة، فإنّ الشيء الذي يكون متأخّراً عن زوال الشمس إنّما هو فعليّة وجوب الصلاة وليس جعل وجوب الصلاة، فإنّ جعل وجوب الصلاة ليس متأخّراً عن زوال الشمس، فإنّ جعل وجوب الصلاة صار في أوّل